الخميس، 30 أبريل 2009

Love Story

Love Story



أرسل لي صديق عزيز هذه الوصلة عن فيلم يحمل اسم العنوان أعلاه. سأشاهد الفيلم غداً مع بداية الإجازة،
وأترككم كما تركني هذا الصديق مع الموسيقى!


الثلاثاء، 28 أبريل 2009

يوم و....!

يوم و....!



حتى عندما يكون الإنسان مشتتاً، وغير متفائل، فإنه يستطيع تغيير ذلك دون ريب.
حتى لو ظل ذلك التشتت لأكثر من يوم ويومين وجمعة، فإنه يستطيع.


الأحد، 26 أبريل 2009

قالوا من فعل هذا بآلهتنا؟!

قالوا من فعل هذا بآلهتنا؟! "مقال للمعتصم البهلاني"


بسم الله الرحمن الرحيم

ما كدت اكمل جملتي في ندوة حرية التعبير التي اقامتها الجمعية العمانية للكتاب والادباء حتى انقطعت الكهرباء عن القاعة لتحمل معها نصف الحضور تقريبا بعد ان كانت مداخلتي هي اخر مداخلات تلكم الليلة المباركة. لا ادري لماذا قفزت هذه الحادثة الى ذهني في الوقت الذي كان فيه فضيلة القاضي خالد الهلالي يتلو بيانه امام الكتاب والادباء اللذين اكتضت بهم القاعة رقم (١) في المحكمة الابتدائية بالحيل الجنوبية قبل ان ينطق بالحكم في القضايا المرفوعة على الكاتب علي الزويدي. ذلكم البيان الذي ذكر فيه مصطلح "الحرية المسؤولة" ومفهومها وتمايزها عن الحرية المطلقة. حيث ان الاولى - اعني الحرية المسؤولة - بدات تاخذ بعدا جديدا في تعريف الحرية بالمفهوم السلطوي والذي يحدد معنى "المسؤولة" بتلك التي لا تخالف القانون الذي لا يملك حق عزفه الا من يملكه.


لقد كشفت قضية علي الزويدي الكثير من الجوانب في العلاقة ما بين المؤسسة الرسمية - او ان شئتم السلطة - وبين المثقف العمني. بل ولا ضرر ان ازعم انها ايضا رسمت ملامح العلاقة المستقبلية بين الاطياف الثقافية والسلطة. ولعل ندوة حرية التعبير التي اقيمت في منتصف هذا الشهر وضعت التشكيلة الاولى لماهية مستقبل العلاقة وامكانية حدوث تكامل او تصادم ما بين الطرفين. وما يمكنه ان يرسم مسار المستقبل هو مدى فهم الطرفين لبعضهما البعض، اعني هنا مدى فهم المثقف لماهية السلطة ومدى فهم السلطة لمعنى الثقافة وقدرة المثقف. فالسلطة ترى في نفسها الوريث الشرعي لمنجزات ما بعد اكتشاف النفط في عمان او ما يعرف في الوسط العماني بالنهضة المباركة. وترى ان النموذج الحقيقي للمثقف هو ذالك الاديب المنغمس بطبعه الادبي في ذاتيته المفرطة والتي دائما ما يحاول ان يبجلها في تصويره للـ "انا" فقط في نتاجه الادبي. لتتشكل بعد ذلك - بفعل الالة الاعلامية التي تملكها السلطة - صورة نمطية احلت المبدع الاديب محل المثقف الواع في العقلية الجمعية للمجتمع العماني. ولعل هذه الصورة النمطية (المبدع = المثقف) كانت مترسخة الى وقت قريب ربما لا يتجاوز العقد من الزمن حين احدثت ثورة الانترنت الصاروخية شرخا في "مشخل" السلطة لتظهر المثقف "العضوي" حسب تعبير الحجري الى المجتمع، مما اضطر
بعض اولئك القابعين في نرجسية الابراج العاجية المفرطة في الذاتية الى النزول منها متوسلة الولوج الى المجتمع محاولة ايقاظه - او ان شئتم تحريره - من البرسيم الاعلامي الذي اطعم اياه خلال العقود الماضية. حال المثقف كحال "نيو - Neo" من من فيلم المصفوفة The Matrix والذي ما ان تم فصله عنها حتى بدا طريق ثورته في تحرير العقل البشري من وهمها.

الا ان الفارق ما بين Neo والمثقف المحرر هو ان هذا الاخير ما ان يدخل الى مصفوفة السلطة مرة اخرى الا ويعتبر نفسه جزء منها‘ وينسى انه في الاصل ليس سوى "بطارية" تستخدمها السلطة للبقاء والثراء مقابل احساس الفرد بالامن والشبع والسكر والشبق. ولا ادل على ذلك من بعض ردود الفعل التي جائت بعد النطق بالحكم في قضية علي الزويدي، فوجدنا مجموعة من المثقفين المحررين يتغنون بعدالة الحكم ونزاهة القضاء بسبب حكمي التبرئة والادانة الخفيفة! وكأن نزاهة القضاء لا تقاس الا بمجموعة الاحكام التي يصدرها القضاة
فقط. وان كانت مجموعة الاحكام جزء لا يتجزأ من عوامل معرفة نزاهة القضاء الا انها ليست العامل الاوحد. فهنالك عوامل اخرى من ضمنها الاستقلالية المالية والادارية وتفعيل اللامركزية الهامة لضمان حماية اعضاء السلك القضائي من اية قرارات تعسفية واخضاع جميع مؤسسات الدولة لسلطة القضاء بما فيها الجهات العسكرية والامنية. وقبل هذا وذاك تحقيق دراسة اكاديمية قانونية حقيقية للقضاة* وايجاد برامج تدريب وتاهيل لما بعد تخرجهم تضاهي - بل وربما تجاوز - تلكم التي يتلقاها الاطباء والمهندسون. وانا هنا لا انكر او اشكك في نزاهة القضاء العماني وانما اقول ان القضايا المتعلقة بالانترنت اوضحت ان القضاة ليسوا من المريخ، بل هم من شباب وابناء هذا الوطن، فيهم التواق الى التغيير والغيور على بلاده، وفيهم صاحب الهوى السلطوي، وكلهم يحكم بالقانون ومدى فهمهم له وتقديرهم اياه. فيجب ان لا ننسى ان القضاء الذي برأ سعيد الراشدي وعلي الزويدي هو ذاته الذي ادان السيدة طيبة المعولي لاسباب من ضمنها انها قالت في رسالة خاصة ان فلان من الناس عصبي!

ان القول بان الحكم في قضية علي الزويدي هو انتصار لحرية التعبير وتصوير الوضع وكان البلاد بخير تام مسألة فيها محاولة خاطئة لتصوير ان اشكالية العلاقة ما بين المثقف والسلطة في البلاد تكمن في حرية التعبير فحسب. هذا الفهم الخاطيء سيقود المثقف من تخبط الى اخر ما لم يدرك الاشكالية الحقيقية ويعمل على تغييرها. فحرية التعبير بحد ذاتها ليست غاية وانما وسيلة، واية محاولة لجعلها كذلك تفرغها من محتواها الطبيعي وفصلها عن حرية التفكير لا تجعلها سوى بقبقة فارغة و"فش خلق" لا اكثر ولا اقل. ومن يدري؟ ربما هذا هو التصور الذي يريده البعض الخائف من وجود تصور حقيقي لحرية التعبير.


وربما هنا ايضا يكمن الخلل في مفهوم المثقف للسلطة ومدى شرعية قراراتها، ومتى يبلع لسانه ومتى يلعلع عن سرطان الفساد في البلاد. فالسلطة كاملة الاهلية وتستحق التضحية ورفع السكاكين والرماح والحجارة والرشاشات ما دامت لا تتدخل ما بين المثقف ولسانه، او بمعنى اخر ما دامت تسمح له ان "يبقبق" داخل اطار السلطة. اما ان يحاول المثقف التغريد - ولو بصوت منخفض - خارج نشاز السلطة فانه بلا شك سيلاقي اولا البطاقة الصفراء وان لم يسكت بعدها البطاقة الحمراء. ولا ادل على ذلك من قضية الدكتور العريمي والذي لم تستكمل مشاركته في ندورة حرية التعبير ٢٤ ساعة بل ربما ١٢ ساعة حتى جاء قرار من قبل وكيل الوزارة يقيد حريته في الكتابة، بل وما زالت ذاكرتنا تحتفظ بتعميم معالي الوزير ايقاف محمد الحارثي وعبدالله الريامي من الكتابة في الصحافة العمانية، بل وقبل كل هذا تفاجئنا الدكتورة سعيدة الفارسي ان ذات القرار مورس عليها قبل ٢٥ سنة!


ان حرية التعبير
وسيلة فاعلة لاحداث تغيير او ان شئتم تطوير في المؤسسات التي اصابها العطب واصبحت عتيقة في ادائها الذي اكل عليه الدهر وشرب. لقد ذكرنا مرارا وتكرارا ان الاشكالية التي نعاني منها في السلطنة لا تكمن في فساد مسؤول هنا او هناك او قانون يصدر اليوم بمرسوم ويلغى غدا بمرسوم اخر، ان الاشكالية تكمن في المنظومة السياسية الكلية والتي ما زالت تعتمد على الاحادية في كل شيء، فما من مؤسسة عمانية الا ولها الاب الروحي الخاص الذي تدور جميع القرارات في فلكه ولا تخرج عن مسار رؤيته.

دعوني اقولها لكم وبكل صراحة، وبدون لف او دوران او تعريض في الكلام، نحن بحاجة الى الارتقاء بالنظام الحالي من الملكية البحتة الى الملكية الدستورية، واول خطوة تكمن في ايجاد منظومة برلمانية متكاملة وهادفة، ومن بعدها تنحي السلطان قابوس عن رئاسة الوزراء ومجموعة الوزارات التي يرئسها ليقتصر دوره على رسم السياسة الخارجية، عقد الانتخابات، المصادقة على البرلمان، المصادقة على رئيس الوزراء، المصادقة على الموازنة العامة للدولة، حل البرلمان، تعيين القضاة، تعيين قادة الجيش والشرطة، تعيين مفتي الدولة، تعيين قادة الاجهزة الامنية. كما يقوم بخطوة مبدئية تقتضي بتعيين رئيس للوزراء مؤقت الى ان تتم الانتخابات، ويتم تعديل الدستور وطرحه للتصويت حتى يكتسب مصداقية شعبية اكبر.


ان نظام المشاركة الشعبية لم يكن بدعا على المجتمع العماني، فهو وان كان هرميا في تركيبته الا ان الثقافة الشوروية متاصلة فيه، والتجارب التي خاضها عمانيو الداخل والخارج قبل ثورة النفط عام ٧٠ تعطي دلالة واضحة على ما ازعمه. فالروح الشوروية كانت موجودة في زمن الامامة في الداخل، والتنظيم البرلماني مورس بشكل فاعل في زنجبار من قبل الاحزاب العربية على الرغم من التعثرات التي حدثت في كل من الداخل والخارج. نعم، لن يكون سهلا اليوم ان نعود الى النظام الشوروي ما دامنا نمارس القمعية كلما سنحت لنا الفرصة، الا ان الطفل لا يولد ماشيا، والعضلات التي استرخت لفترة طويلة من الزمن وترهلت لا بد لها من ان تمارس شيئا من الرياضة قبل اعادة تقويتها.


ان وجود نظام برلماني ملكي دستوري يحاسب اصحاب القرار على كل صغيرة وكبيرة لن يجعلنا في هذا الموقف المخجل جدا، فالكثير - ومن ضمنهم مجموعة من المثقفين - دخلت في جدل بيزنطي قشروي عن صحة فعل علي الزويدي بنشره الوثيقة، ولم يكلفوا انفسهم عناء التفكير في مضمون الوثيقة وهي ان الحكومة "الرشيدة" لا تريد ان ترينا الى ما ترى، وان هذا السبيل هو سبيل الرشاد، وعندما نشرت هذه الممارسة انتفض من انتفض قائلا "من فعل هذا بالهتنا"، من تجرا وحطم التماثيل التي عبدت عقودا والتي زينت بالعبارات الرنانة والطنانة والفنانة التي تغنى بها الشعراء واطرب بها الفنانون. جعلها علي الزويدي جذاذا يا سادة بنشره الوثيقة، وهاهو الله يخلصه اليوم مما اريد به من كيد.


علق الفأس يا سادة، فسئلوهم ان كنتم تعقلون.


بوركتم وبوركت عمان.


المصدر



حين أحبكٍِ.. تصميم حشر

حين أحبكِ.. تصميم حشر



الجمعة، 24 أبريل 2009

زواج سعيد ومبارك يا صديق

زواج سعيد ومبارك يا صديق


قولي يا ماريّا

أوما كنت زمانا طفلة

يلقي الشعرُ على جبهتها ظلّه

من أوّل رجل دخل الجنّة واستلقى فوق الشطآن

علقت في جبهته من ليلك خصله

فضّ الثغر بأوّل قبله

أو ما غنّيت لأوّل حبّ

غنّينا يا ماريّا

أغنية من سنوات الحبّ العذب



وصديقي هذا هو إنسان وأخ عزيز قرر أن يلحق القطار، ويدخل القفص الملون بماء الذهب. لقد عقد صاحبي قرانه أمس. فلنبارك له، وليبارك له الله، وليكن أسرة سعيدة في مجتمع صحيح وقوي.

التاريخُ يعيد الذكريات. كان يسكن توومبا في 2006، وتوومبا مدينة صغيرة تتوسط السهل الكوينزلاندي، وتشتهرُ كونها عاصمة لمراعي الأبقار، وبها الشتاءُ قارس في برودته، لكن إنسانها ليس كذلك. أتى برزبن فاتصل بي. قلتُ له أنني لن أكون وحدي، فالعصابة معي، أو أنني مع العصابة. أتى الرجلُ وصار جزءً من العصابة.

وأمس تزوج، وتلاشت العصابة. وقد زرته مراراً في توومبا، وفي جاتون. وجاتون تشبه أدم، ولا تشبه آدم. انتقل إلى جاتون، كي يرى الدنيا، وقد كانت جاتون منطفئة الأنوار حينما زارها، وما زالت كذلك. لكن جاتون كانت مدينة ريفية جميلة، ففيها دجاج كنتاكي، وفيها السوق يشبه سوق أدم. وقلتُ له ذات يوم: هل ترى تلك السيدة المّارة على الرصيف؟ قد كانت صديقتي يوماً، فاختلفنا قبل الزواج، وليس بعده. وكان لله في خلقه شؤون.

وصديقي هذا أنهى درسته الجامعية في توومبا، وغادر أستراليا هكذا، كما تغادر الطيور شوقاً لأوطانها. واستقر في عُمان. سألته: لم عُمان؟ قال: "بلادي يا أحلى بلاد". وماذا تعمل؟ قال: "أخلق المساحات للشباب". ثم فتحتُ له جهازي فأريته صوراً جمعتنا في حديقة يابانية في "توومبا" يوم أن كان الربيع يعبرُ توومبا، فقد كان الجو جميلاً حقاً.

أنا آسف. نسيتُ أن أخبركم باسم صاحبي. كنتُ أعرف اسمه قبل أن يخبرني. فقد كان مشهوراً، ولايزال حتى الساعة. استمد شهرته من الموقع الذي أسسه، ومازال يديره. اسمه محمد الحوسني، ومازال هذا الشاب يطوِّر من موقع "عاشق عُمان" الذي أظن أنه أكبر موقع عماني من حيث عدد الأعضاء.

وحينما رأيتُ الحوسني في صحار في نوفمبر الماضي، سألني أمام أبي "ليش شكلك كذا؟". قلتُ له: "وشو صاير في الدنيا؟". الحوسني يحب صحار كما أحبها، لكنه لم يعرف حينها، ولم أعرف أنا أيضًا، أن قرانه سيُعقد في صحار. وهذه صُحار، المدينة المسالمة الرائعة تحتفل بالشباب، وبالزواج. وها هو الصيفُ يقترب فتكثرُ الأعراس، وتفوح روائح الولائم على كل شارع في صُحار.

إيهٍ يا صُحار.. كانت الدنيا مكفهرة، وكنتِ أنتِ موادعة. والدنيا موادعة، وأنتِ مبتسمة، فكوني كذلك دوماً..

محمد الحوسني، شكراً لك. شكراً لدعوتك. عذراً لبُعدي.
مبارك لك. بالرفاه، والبنين يا عاشقُ عمان.


.
.

الخميس، 23 أبريل 2009

حول محاضرة الشيخ الخليلي مرة أخرى

حول محاضرة الشيخ الخليلي مرة أخرى


أهلاً جميعاً..

أنا حزين. حزين بشدة. في النافذة السابقة التي علّقت بها على عناوين جاءت في محاضرة للشيخ أحمد الخليلي في جامعة نزوى تلقيّت ردود. الردود كانت حادة جداً. أصحابها لم يكتبوا أسمائهم. يلقونها من وراء حجاب. الكلمة الجارحة من وراء حجاب. هدى الجهوري تكتب في شرفات أن كتاب النت أشباح. ما كتبته الجهورية أرفضه. اسمي حمد. لستُ شبحاً. أرى الطريق جيداً، لكن -للأسف- هناك من يكتب وهو خائف من مصارحة الناس بمعتقداته.

لي صديق جميل. يسكن في الضفاف البعيدة. أرسل لي رسالة عقب قراءته للنافذة السابقة. قلتُ له سأنشر رسالتك في المدونة. وها أنا أفعل دون ذكر اسمه، تحفظاً عليه. قد يُساء فهمه. لكن لا بأس. قد يوصف بالجهل، وهو ليس كذلك. يُكملُ دراساته العُليا في حقل إنساني مثير.
هيّا:


"العزيز حمد الغيثي

ربما تكون محاضرة الخليلي عن العقلانيين في الجامعة هي من فتح المجال واسعاً للنظر إلى الخليلي كشخص بعين أخرى جديدة، وذلك ما قاد لإعادة النظر إلى محاضرته، وخصوصاً بعد أن طبعت. لهذا ترى دائماً أن هدف أتباعه كان الرد على العقلانيين فقط. شخصياً لا أكن الحقد على الشيخ ولكن من حقنا أن نتسائل كيف ولماذا وصل الشيخ إلى ما وصل إليه؟ هناك من يستخدمون لفظة الشيخ فقط لتكون محصورة بالخليلي فقط. تخيل أن يتم إيقاف كلمة في اللغة لتدل على شخص واحد!

هناك مظهر آخر وهو أنه أصبح عندما يذكر أو يتم الحديث للشيخ، يقال له حفظك الله أو حفظه الله حسب حضوره أو غيابه، وبالنظر إلى أن حفظه الله لم يكن في السابق يستخدم إلا للسلطان ، لكن هذا التعبير استخدم للخليلي لاحقاً فشاع.

تعبير آخر وهو "أمد الله في عمره" أو "طال عمرك" -وهي نسخة محرفة عن طويل العمر- كان يستخدم كذلك للسلطان. هنا تداخل بين اللغة والدين والسياسة. إنه خطاب القوة وتمثلاته في عمان والذي ما زال بعيداً عن الدرس الفاحص والمتمعن بمنظور علمي دقيق.

كانت ميزة دراسة الرقيشي أنها أول من دشن مشروع قراءة مغايرة لفكر الخليلي وذلك اعتماداً على كتبه أو قاله الخليلي بذاته. كنت أتمنى لو أنك تمكنت من الحصول على الشريط أو لو انتظرت فترة لوجدت أن هناك من تطوع وقام بتفريغ المحاضرة أو تحميلها كاملة. المقصد من ذلك أنك ستستطيع أن تنظر إلى خطابه بشكل أكثر رحابة وعمقاً من مجرد اقتصارك على العناوين. قراءة خطاب الخليلي ليست مهمة سهلة بل إنه يعد من التابوهات المحرمة في عمان. لست أقصد أن الإباضية هم من سيردون عليك، بل أن الحكومة لن تسمح لك بذلك.

هناك أمر آخر حري بنا أن نلتفت إليه وهو أن الشيخ الخليلي قد قدم إلى عمان بسبب المذابح التي حصلت للعمانيين في زنجبار على يد الشيوعيين هناك. عمر الخليلي في السبيعنيات كان مقارباً لعمر السلطان بمعنى أنهما من جيل واحد. السُلطان قابوس، والشيخ الخليلي كانا متقاربين فكرياً نظرا لكونهما يكرهان الشيوعية، والخليلي كان في ذلك الوقت يعتبر متقدما على الكثير من علماء عمان الذين لم يكونوا يميزون بين الشيعة والشيوعية حسب ما ذكرت بعض الكتابات التي تحدثت عن سيرة الخليلي. الأمر الآخر لم تكن تربط الخليلي علاقة بالإمامة وحركتها، وذلك ما جعله مقربا أو قابلاً لأن يكون مشروع مفتي يشترك مع السلطان في بناء الدولة في إطار عام وكل حسب صلاحياته وحدوده.

أعتقد أن هناك الكثير الذي يجب أن يقال حول دراسة خطاب الخليلي، فهو الخطاب الديني الرسمي الوحيد في عمان.
هذه بعض الأفكار التي أحببت أن تشاركني فيها.
خالص المودة"

-انتهى-

الأحد، 19 أبريل 2009

الخليلي: الإسلام يحل جميع مشكلات الحياة. لكن كيف؟!

الخليلي: الإسلام يحل جميع مشكلات الحياة. لكن كيف؟!


تورد صحيفة عُمان بتاريخ 19 من إبريل 2009، خبراً عن محاضرة للشيخ الخليلي مفتي السلطنة. جاء في الخبر عن الشيخ أحمد قوله:
"حل جميع الأزمات والمشكلات كامن في الإسلام"، "ما تحصل عليه العُلماء من علوم -العلوم التطبيقية- ما هو إلاّ قشور"، "شريط الوراثة ينسف الفلسفة المادية نسفاً"، "عجز الإنسان عن الإلمام بحقائق نفسه وما يحتويه من عجائب شاهد على عظمة الله"، "النظام البشري الوضعي مصيره إلى الزوال مثلما زال النظام الشيوعي، والآن النظام الرأسمالي في طريقه إلى الزوال"، "العقول البشرية محدودة وقاصرة"، "الإسلام هو الحل للأزمة المالية الحالية، لكن الإسلام ليس قطع غيار، فالإسلام لا يقبل التجزئة".


كانت المحاضرة في جامعة نزوى، وجامعة نزوى لمن لا يعرفها هي جامعة فيها أساتذة علميون يُدرِّسون الطلبة العلوم الإنسانية والتطبيقية كالبيولوجيا، وعلم الاقتصاد. وجامعة نزوى بها الأساتذة، ولابد أنهم حضروا محاضرة الشيخ أحمد، ولابد أن يرجعوا لتلاميذهم بالقول أن الإسلام هو الحل، وأن العلم ما هو إلاّ قشور. والقشور كالزبد يذهبُ جفاءً إن لم يكن من الإسلام!

المقتبسات التي أوردُتها بالأعلى تمثل كلاسيكيات الخطاب الإسلامي الذي قد يقرأه الإنسان البسيط (مثلي) في عُمان أو في السينغال أو في كشمير أو في فيجي! وقد جاء في المحاضرة شعار استخدمه الإخوان المسلمين في حملتهم الانتخابية الأخيرة لمجلس النواب في مصر: "الإسلام هو الحل". وأنا أتساءل كيف!؟

ومن كلاسيكيات الخطاب الإسلامي أن العقل الإنسان ما يزال يكتشف في البيولوجيا وبقية العلوم. وهم يعدون هذا دليلاً على قصور العقل الإنساني لأنه مازال يكتشف، ولم يصل لكل الحقيقة، أي الحقيقة المطلقة التي يعلمها الله وحده. بينما الإسلاميون لايزالون يعيبون على العقل الإنساني اكتشافاته، متسائلين لم لا يركن في الزاوية متعجباً عن قدرة الله مثلهم دون أي حركة وبركة. والشريط الوراثي الموجود في الخلية ينسف النظرية المادية -كما يزعم الشيخ أحمد- لكن هذا الشريط يسند النظرية الدارونية بشكل كبير. والشيخ أحمد ربما لا يريد قول ذلك لمستمعيه. إنه فقط يخبرهم أن هذا الشريط ينسف النظرية المادية نفساً. الله، وحده الله، يجعل في مخلوقاته ما يدل عليه، والخطاب الإسلامي وحده يعرف ذلك دون بقية الناس.

وجاء كذلك في المُحاضرة، والعهدة على الراوي: جريدة عُمان، أن الإسلام به حل للأزمة المالية العالمية. وأن جميع الأنظمة البشرية في طريقها للزوال. وأسأل نفسي بقوة كيف يحوي الإسلام حلاً عبقرياً للأزمة المالية؟ تذكرتُ جميع دروس التربية الإسلامية والكتب الدينية التي قرأتها منذ الطفولة ولم يمر بذهني أني قرأتُ حلولاً للأزمات المالية! والإسلام ذلك الدين الجميل في الأخلاق والمباديء الاجتماعية لم يحوي نظاماً مالياً كما أعرفُ. إنه يمنع الربا، والاحتكار، والاستغلال الاقتصادي إلاّ أنه لا يقرر نظاماً معيناً كي نسميه نظاماً مالياً. والزكاة التي يزعمُ الإسلاميون أنها مفتاح الحل المالي، يفرضُ النظام الاقتصادي الغربي أضعافها كضريبة على المبيعات، والقيمة المُضافة، والدخل الفردي.

والأنظمة البشرية في طريقها للزوال. وهذه الأنظمة التي يقصدها الشيخ الخليلي هي الأنظمة السياسية، وقد استشهد سماحة الشيخ بانهيار الشيوعية على ذلك. والمذهب الإباضي لا يعترف إلاّ بصوابية النظام السياسي الشُوري الذي أقامه المذهب الإباضي عبر القرون، أما النظام السياسي الذي أقامه السنيون فهو ليس الصواب. إنه نظام بشري ملكوي. لهذا يشمله تعميم الشيخ الخليلي. إننا بصدد انهيار النظام الرأسمالي، ومعه ستنهار أشياء كثيرة، فلن تصل السيارات لعُمان حينما تفلس جنرال موترز وتويوتا وميرسيدس. وستنهار الأنظمة القائمة في الدول الإسلامية لأنها بشرية. فماذا سوف يظهر؟

لم يظهر النظام الرباني إلاّ في فترات زمنية بسيطة جداً في التاريخ الإنساني. الإنسان يعيد إنتاج النظام الاجتماعي والسياسي بما يتوافق مع تطوره وتطور الجماعة. قد يكون شيوعياً، رأسمالياً، اشتراكياً، مستبداً، مستنيراً... إلخ إلاّ أنه لن يكون ربانياً بطبيعة الحال...

الحمدُ لله أن كان عقلي قاصراً ومحدوداً عن إدراكِ أشياء عديدة،
الحمدُ للهِ.
.
.

الخميس، 16 أبريل 2009

young man, listen to me

young man, listen to me



عمار المعمري، ابتسم قليلاً يا رجل:


Young man, there's no need to feel down
I said, young man, pick yourself off the ground
I said, young man, cause you r in a new town
There's no need to be unhappy


No man does it all by himself
I said, young man, put your pride on the shelf

الأربعاء، 8 أبريل 2009

إشارة حول تكون الرمز

إشارة حول تكون الرمز



الصورة باليمين لباراك أوباما الأمريكي، وباليسار لمن أكله الذئب: علي الزويدي العُماني، وبينهما عُمان.

*الشكر للأخ بدر العبري.

الأحد، 5 أبريل 2009

قصة الإيمان، حول كتاب

قصة الإيمان، حول كتاب



"قصة الإيمان، بين الفلسفة والعلم والقرآن" كتاب غامض وواضح. واضح في رسم أسئلة الفلسفة العامة ومناطق البحث التي تنقب فيها. غامض لجهل اسم مؤلفه. على أعلى غلاف الكتاب يوجد اسم "نديم الجسر" وهو مفتي سابق للبنان الشمالي، لكن الجسر يذكر في مقدمة العمل أن هذا الكتاب ألقي إليه. قرأتُ مؤخراً أن هذا الكتاب كان من تأليف والد الشيخ نديم الجسر، والمسمى حسين الجسر. لكن نديماً أضاف بعض التعديلات في الكتاب وجهزه للنشر.

أعاد الذكريات لهذا الكتاب القيم سؤال صديق عنه، فوجدتني أحن لقراءته مجدداً، وأظن أني سأفعل ذلك في المستقبل القريب. وجدتُ مقالاً كتبه "يكري شيخ أمين" عن الكتاب، أترككم معه:

قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن


ما أكثر ما تنشر المطـابع كل يوم ، في الشرق والغرب ، من كتب ودراسات وأبحاث ، في شتى العلوم والفنون ! بل ما أكثر حظ الجيل المعاصر حين يجد بين يديه الكتاب الذي يتمنى ، والعلم الذي يريد ، والثمرة التي يرجو سائغة ميسرة ، قريبة من متناول يده ، يجتني منها ما يحب ويشتهي ، دون أن تكلفه من عناء إلا أن يمد يده إليها ليقطفها من هذا الكتاب أو ذاك !

وإذا كان هناك من صعوبات في سبيل الوصول إلى هذه الغاية ، فإنما هي في حسن اختيار الكتـاب والكاتب ، والقدرة على تمييز الصحيح من الزائف ، وتفريق الحق من الباطل . وهي مهمة عسيرة ، ومطلب بعيد المنال ، لا يتأتى إلا لأولئك الذين أوتوا حظاً من هدى ، ونصيباً من معرفة ، وخبرة في صحة التمييز والانتقاء .

لقد كتب الباحثون في العلم والفلسفة والدين كتباً تزيد على مئات الألوف ، واتجه كل كاتب الوجهة التي تراءت له ، وانتهى إلى نتيجة آمن بها ، ودعا إليها ؛ لذلك فليس من الغريب أن تجد في الموضوع الواحد وجهات نظر مختلفة ، بل نتائج متناقضة ، تتفق ومذهب كل باحث ، وتنسجم وفلسفة كل كاتب ؛ إنما الغريب أن تجد كتاباً واحداً سلك في سلك واحد مذاهب الفلاسفة من أقدم قديم الزمان إلى يومنا هذا ، وأضاف إليها معطيات العلوم المعاصرة ، ثم عرضها جميعاً على القرآن الكريم ، فإذا هي متساوقة ، متفقة ، مترابطة ، يشد بعضها بعضاً .

كل ذلك كان في كتاب دعاه مؤلفه الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس ولبنان الشمالي ـ سابقاً ـ : ( قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن ) ونشره المكتب الإسلامي ببيروت سنة 1961م ، ولا يزال يعيد طبعه كلما نفدت نسخه ، والتهمها القارئون .

جاء الكتاب في أربع مائة وخمسين صفحة ، ثم أضيف إليها أربع وعشرون للتقاريظ وآراء القارئين .
يتحدث الكتاب عن فتى اسمه ( الحيران ابن الأضعف البنجابي ) . طلب العلم في جامعة بيشاور بنفس طُلَعَة ، مشوقة بفطرتها إلى المعرفة ، تستشرف كل غيب ، وتشرئب إلى كل مجهول ، فتبحث عن أصل كل شيء وكنهه ، وسبب وجوده ، وسره ، وحكمته .

وكان دأبه أن يسأل الشيوخ والرفاق عن هذا العالم : ما هو ؟ ومتى خلق ؟ ومم خلق ؟ ومن الذي خلقه ؟ وكيف خلقه ؟ .. فلا يقابل على هذه الأسئلة إلا بالزجر ، ولا يجاب عنها إلا بالسخر ؛ ويتهمه بعض معلميه بأنه ليس طالب علم ، ولا دين ، إن هو إلا متفلسف سخيف ؛ ثم عَمَّ هذا التسخر كل رفاقه فنبذوه ، وسلقوه بالألسنة الحداد ، حتى ضاقت به الجامعة على رحبها .

ولم يزده التهكم إلا إصراراً وشكاً ، ووقر في ذهنه أن الحقائق التي ينشدها لا تدرك إلا عن طريق الفلسفة ، فارتمى على كتبها ؛ ولكنه لم يفهم منها إلا النذر اليسير ، فازداد شكاً وقلقاً . وخافت الجامعة أن يسري داؤه في سواه ، فيصيبه ما أصاب الحيران ، لذلك قررت طرده ؛ ونزل الخبر على أبيه نزول الصاعقة ، فحاول أن يرد ولده إلى الهدى بكل ما أعطي من عقل وحنان ، ونصحه أن يترك الفلسفة ، وينكب على علوم الدين ، فإذا ما أتقنها عاج على الفلسفة ، ثم قال له : يا بني ! إن الفلسفة بحر على خلاف البحور ، يجد راكبه الخطر والزيغ في سـواحله ، والأمان والإيمان في أعماقه . ثم دله على شيخه ( أبي النور الموزون ) إذا أراد فهم الفلسفة ، وإدراك جوهرها ، والوصول إلى حقائقها .

وأصاخ الولد إلى نصيحة أبيه . وما هي إلا حقبة حتى يمم وجهه نحو ( خرتنك ) القرية التي يعيش فيها أبو النور الموزون ، ويطلب فيها الهدى والرشاد . وفي هذه القرية الصغيرة بدأت رحلة الحيران إلى الله من خلال الفلسفة أولاً ، ثم من خلال المعطيات العلمية ثانياً ، ثم القرآن أخيراً . مع الشيخ الموزون كان يقرأ الفلسفة ، ويخوض في أدق أمورهـا ، وأعمق أفكارها ، وأبعد مراميها ؛ لا يغادر منها صغيرة أو كبيرة إلا وعاها . يقف على فلسفات اليونان ، فيرى ما تحدث به طاليس ، وما قال فيثاغورث ، وما جاء به ديموقريطيس ، وماذا ادعت مدرسة السفسطة ، وما هي مواقف سقراط ، وأفلاطون ، وأرسطو ، من وجود الله وحقيقته ، وكيف وجدت مدرسة الرواقيين والأبيقوريين نظرية المعرفة .

ومن فلسفات اليونان ينتقل الشيخ أبو النور الموزون بتلميذه الحيران ابن الأضعف إلى آراء الفلاسفة المسلمين ، فيقف معه عند الرازي ، والفارابي ، وابن سينا ، ويقارن آراء الغزالي بآراء كانط مرة ، وبآراء ديكارت مرة أخرى ، أو يجمع ابن مسكويه وداروين على صعيد واحد ، ويظهر مواطن اللقاء بين هؤلاء المفكرين .
وقد يحدثه عن ابن رشد ، وابن الطفيل ، وأبي العلاء المعري ، وابن خلدون ، ويوقفه على الأسباب التي دفعت الناس أو فريقاً منهم إلى تكفيـر هذا ، أو رمي ذاك بالإلحاد ، والعوامل التي دفعت الجماهير إلى أن تحرق كتب بعض هؤلاء ، ويضع له إصبعه على مواطن الخطأ التي وقع فيها الدارسون ، ويوضح له كل صغيرة ودقيقة ، ويبين له سواء السبيل .

ومن عالم الفكر الإسلامي إلى عالم الفكر الأوربي ينتقل الشيخ أبو النور بتلميذه الحيران ، فإذا توماس الأكويني ، وفرنسيس بيكون ، وديكارت ، وباسكال ، ومالبرانش ، وإسبينوزا ، وبرغسون ، ولوك ، وهيوم ، يتحدثون بلغة عدنان ، ويعرضون آراءهم في حقيقة الوجود ، ويبسطون أعقد أفكارهم ، حتى لكأنها قطعة أدبية غنائية ، تلذ القارئ وتأسر لبه ؛ وإذا متناقضات الأمس تغدو اليوم متآلفة ، متساوقة ، منسجمة ، مترابطة .

على صعيد الطريق إلى الله يقف المسلمون والنصارى ، والقدماء والمعاصرون ، ينظرون النظرة الواحدة ، ويهتفون الهتاف الواحد : ذلك هو الله ، خالق كل شيء . والشيخ أبو النور الموزون يطوي متاهات الاضطراب والقلق بتلميذه الحيران ليسلمه إلى الإيمان ، والطمأنينة ، واليقين ، ويحقق له صحة قولة أبيه : يا بني ! إن الفلسفة بحر على خلاف البحور ، يجد راكبه الخطر والزيغ في سواحله ، والأمان والإيمان في لججه وأعماقه ، والقليل منها يبعد عن الله ، أما الكثير منها فيرد إلى الله .

وتمضي الرحلة في الموزون والحيران إلى رحاب العلوم ، ويستعرضان قوانين المصادفة وتطبيقاتها ، ويقفان من خلال عدد كبير من الأمثلة والعمليات على مدى صحتها أو زيفها ، ويطوفان بعالم الأفلاك ، ومخلوقات السماء ، ولجج المحيطات ، وقلب النباتات ، وباطن الإنسان ، وأنواع الحيوان ، فإذا كل شيء في هذه الدنيا يسبح الله ، ويوحده ؛ وإذا آيات القرآن العظيم تنطوي على حقائق كاملة وراء إشارات وظلال ، وإذا الحيران ابن الأضعف مشرق العقل ، يملك مفاتيح النور ؛ وكانت من قبل أقرب الأشياء إليه ، ولكنه كان يدير ظهره إليها ؛ فهو اليوم يعلم كيف يبحث فيها ، ويديرها ، أو يستدير إليها ؛ وإذا عالمه مغمور بالضياء : ضياء في القلب ، وضياء في الطبيعة ، وضياء في أغوار الكائنات .
الضياء في كل مكان ، والنور يسـطع في كل الوجود ، والله نور السماوات والأرض ، الله في كل مكان ، هو الظاهر والباطن ، آياته في الآفاق ، وفي نفس الإنسان ، تبين أنه الحق . لقد صـدق وعده ( سـنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).

العجيب في هذا الكتاب أنه كلما تلا القارئ منه فصلاً ازداد شغفاً ، وكان للباقي أشد ظماً ، وأكثر نهماً ، حتى إذا ما فرغ منه ، وجد من خلال العبرات التي يتلمسها ، وهي منحدرة من عينيه ، مسفوحة على خديه ، أنه يومئذ ودع آخر ظلمة من ظلمات الحيرة التي تمزق الإنسان المعاصر ، وأحس ببرودة اليقين ، وحلاوة الإيمان .


السبت، 4 أبريل 2009

The Brave One

The Brave One




who are you-
am no body. am a stranger-

ربما كانت مصادفة أن أفتح التلفزيون على العشاء، فأنا عادة لا أتابعه. كان هناك فيلماً غريباً، لم يكن من تلك الأفلام التي تبهر المشاهد بالتكنولوجيا أو الحب. كان جريمة بشعة شاهدتُها على العشاء، ولا أدري كيف أكملتُ عشائي مع إكمالي للفيلم.

الفيلم كان جريمة تبعتها جرائم. الضحية صار مجرماً. اثنان من متسكعي شوارع نيويورك يضربون صديقاً وصديقته في أحد أنفاق المنتزهات في ساعة متأخرة من الليل. مات الصديق بسبب الضرب الشرس، أما الصديقة فقد ظلت في المستشفى مدة حتى خرجت. لم تكن منه لتعود كما كانت، لقد خرجتْ منه غريبة أو "لا أحد".

جودي فوستر لعبت دور البطلة باسم إيريك باين. وكان الفيلم من نوع الدراما التي أعشقها لأنها تضرب الإنسان في قلبه، أو لنقل في صميمه، أو في نفسه إن شئتم. خرجت إيريك من المشفى ونظرتها للمجتمع مختلفة. كانت حاقدة. لقد خُطف حبيبها منها دون سبب. صارت ترى في كل حركة حولها شبحاً مُطارداً ولهذا اتخذت سلاحاً بحقيبتها طيلة الوقت. قررت أن تنتقم من كل أحد (كما أخمن). لقد قتلتْ إيريك بضع أشخاص لأنهم كانوا سيئين. قتلت لصين حاولا سرقتها، وقواداً حاول أن يبتزها، وسياسياً فاسداً بسبب فساده، و..إلخ.

الطريفُ في الأمر أن المحقق الذي تولى متابعة هذه الجرائم كان ذات المحقق الذي حقق في قضيتها حين اعتديَ عليها. وقد وعدها المحقق -الذي سيصبح صديقها فيما بعد- أنه سيجد قتلة صديقها. كانت إيريك مذيعة بإذاعة محلية، وقد كانت تتابع تحقيقات الشرطة في الجرائم المتلاحقة، ولذا توطدت علاقتها بالمحقق الذي رأى في عينيها شيئاً غريباً. وحاول المحققُ الاستكشاف.

المحققُ يجمع الخيوط -خيوط الجرائم- وإيريك على عدم استقرارها النفسي وتواصل حصد المزيد من الضحايا المجرمين. كانت تبحثُ عن قتلة صديقها وسط الزحام، وعثرتْ على خيط أخيراً. الخيطُ سقط بيد المحقق الذي لحق بإيريك. والمحقق أدرك قبل أن يرى هذا الخيط أن إيريك هي غريمته. هي المُجرمة الوديعة واللطيفة التي بات يعرفها جيداً كصديقة.

والمحقق ميرسر يلحقُ بإيريك في نهاية المشهد حينما اهتدت إلى طريدتها. وقد منحها مسدسه كي تجهز على طريدتها. والطريدةُ ماتت، وانتشت إيريك، لكنها -كما بدا لي- لم ترجع إلى طبيعتها الأولى، بل ظلت كما هي: شخص غريب، أو لا أحد. لقد ظلت لا أحد.
.

الفيلم ممتاز. إنه ليس متأجج العواطف، بل بارد. يدفعك للتساؤل عن مسؤولية الفرد عن جرائمه، ومدى مساهمة المجتمع بها بشكل أو بآخر.



العطر..قصة قاتل (نادي القراءة العماني)

العطر، قصة قاتل (نادي القراءة العُماني(


تعريف بنادي القراءة العماني

هو عبارة عن تجمّعٍ تطوّعيٍ لمجموعةٍ من الأشخاص الذين يهدفون إلى نشر ثقافة القراءة و تعزيز دورها في المجتمع. يختار النادي في كل شهر كتابًا واحدًا، وينشر ملخصًا تعريفيًا عنه في المنتديات والمدوّنات العمانية، ثم يقدّم دعوة إلى الجميع كي يقرأوا ذلك الكتاب خلال الشهر المحدد، ويناقشوه مع زملائهم في المنتدى. وبذلك يأمل النادي أن يقرأ أكبر عددٍ من العمانيين الكتاب نفسه في الوقت نفسه، مكوّنين خلايا صغيرة في المواقع الإلكترونية المختلفة تتبادل الرؤى والأفكار والانطباعات حول نصٍ واحد.

كتاب الشهر


العنوان/ العطر: قصة قاتل
المؤلف/ باتريك زوسكيند
ترجمة/ نبيل الحفار
دار النشر/ المدى


تقديم


من الأدب ما نقرؤه للهروب من صخبِ الحياةِ وأعبائها، قليلا ما يحفرُ له مكانًا في الذاكرة. ومن الأدب ما نقرأ به أنفسَنا والعالمَ من حولنا، فلا نهرب به من الحياة بل ندخل فيها، ليخلّف ما قرأناه فينا توقيعًا مميزًا ونقشًا راسخًا في دهاليز الذاكرة. وما تزال هذه الذاكرة تحمل شخصيات روائية مثل (أحمد عبد الجواد) و(سعيد مهران) من نجيب محفوظ، و (متعب الهذال) من عبد الرحمن منيف، إلى الشخصيات العالمية مثل (ديفيد كوبرفيلد) من تشارلز ديكنز، و (دوريان جراي) من أوسكار وايلد، و (زوربا) من كازنتزاكيس، وغيرها الكثير. وليس لديّ أدنى شكّ عزيزي القارئ في أن شخصية رواية (العطر) تستحق-بامتياز- أن تضيفها إلى القائمة!


عن المؤلف


بعد ركودٍ طويلٍ للأدب الألماني ظهر (باتريك زوسكيند) مبدعًا جديدًا تلقف العالم كله روايته الصادرة عام 1985 بعد أن اشتهر بمسرحيته (عازف الكونتراباس). له أعمال أخرى مثل روايتي (الحمامة) و (قصة السيد سومر)، إلا أن رواية (العطر) هي التي خرجت به إلى العالمية بعد ترجمتها إلى أكثر من عشرين لغة، وإخراجها سينمائيًا عام 2006. كتب باتريك زوسكيند العديد من المسلسلات التلفزيونية الناجحة، وحصل عام 1987 على جائزة غوتنبرغ لصالون الكتاب الفرانكوفوني السابع في فرنسا.


عن الرواية


جرت العادة أن يبهرك الروائي بوصفه للشخصيات والأماكن والأحداث، فيدخلك إلى الرواية من خلال عينيك، إلا أن الأمر مختلف جدًا في رواية (العطر)؛ فهنا تستخدمُ أنفك لا عينيك في التعرف على الأشياء والشخوص والقيم الإنسانية. رسمَ لنا المؤلفُ في هذه الرواية شخصية فريدة قد لا تغيب عن ذاكرتنا أبدًا، شخصية (غرنوي) صاحب الأنف المعجزة. تدور أحداث الرواية في فرنسا القرن الثامن عشر، حين وُلد طفلٌ أرادت له أمه أن يموت عقب ولادته مثل إخوته الأربعة، لكن القدر أنقذه ليُفتضح أمر الأم وتُقدم للمحاكمة. وتبدأ معاناة (غرنوي) صغيرًا مع نهمه الشديد في الرضاعة، الأمر الذي ينفّر المرضعات منه. وندخل في لبّ الحكاية حين نعرف أن (غرنوي) ليست له رائحة، وهذا ما يُرعب الآخرين منه، إلى أن تتكفل به مرضعة فقدت حاسة الشم.

يكبر (غرنوي) ويعرف أنه يستطيع شمّ كل شيء وكل أحد، الخشب والماء والتراب والحديد والنبات، بل إن له ذاكرة شمية تصنّف كل الروائح في قاموسٍ هائل في دماغه. وينمو هوس (غرنوي) بالروائح شيئًا فشيئًا ويعمل مساعدًا لعطّار، فيخترع له عطورًا جعلت منه الأشهر إطلاقًا. ويُتحفك المؤلف بثقافته في الروائح والعطور وطريقة صناعتها، فيبدو أنه قد قرأ الكثير جدًا في هذا المجال قبل كتابة الرواية. يصحبك (غرنوي) في رحلةٍ عجيبة للبحث عن الروائح، وأسرار استخلاصها، وتصل به العبقرية إلى تركيب روائح البشر!


يا تُرى ما معنى أن تكون لك رائحة، أو لا تكون؟ وهل يمكن أن تؤثر الروائح في نفسية الآخرين وتكوين مواقفهم؟ هل يمكن تركيب روائح تؤثر في النفسيات والمواقف؟ هل هناك رائحة للخير، والشر، والحب، والبغض، والكرم، والبخل، وغيرها من القيم الأخلاقية؟ لا يملكُ القارئ وهو يقلّب صفحات الرواية إلا أن يتورّط مع المؤلف في رحلة البحث عن الروائح، فيبدأ في تحسس رائحة الورق، ورائحة الحبر، ورائحة الغرفة، إلى أن يصل الأمر به إلى ترقّب كل الروائح الممكن صدورها من العالم، خارج الإنسان، وداخله.

كُتب على غلاف الرواية


"لم تعد اللغة المتداولة كافية للتعبير عن كل الأشياء التي جمعها في ذاته كمفاهيم روائحية. فهو لم يعد يشم الخشب فحسب، بل أنواع الخشب: كالاسفندان والبلوط والصنوبر والدردار والدراق، كما بدأ يميز بأنفه بين الخشب العتيق والطازج والهش والمتعفن والطحلب، بل حتى أنواع الحطب وكسراته وفتاته. كان يشمها بكل وضوح كمواد مختلفة عن بعضها".

طرق الحصول على الرواية


1- الشراء الإلكتروني:
مكتبة النيل والفرات (صفحة الكتاب العطر قصة قاتل)
مكتبة أدب وفن (Product Detail: ط§ظ„ط¹ط•ط± - ظ‚طµط© ظ‚ط§طھظ„)
2- تحميل الكتاب من الإنترنت (بالبحث في محرك google).


ملاحظة: التلخيص طُرح من قبل الأخ أحمد المعيني.