الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

الاثنين، 21 سبتمبر 2009

علماء الدين في المجتمع "لمحمد أركون"

علماء الدين في المجتمع "لمحمد أركون"


مقال جميل لمحمد أركون ينشر في جريدة الراية القطرية. عالم الدين لم تكن مهمته يوماً دينية مجردة، بل امتدت إلى نواح أخرى لتتناول السياسة والتأثير في المجتمع. كل هذا ينعكس بشكل أو بآخر على "الإنتاج" الديني لعالم الدين. أترككم مع المقال.

ينبغي العلم بأن علماء الدين لا يشكلون طبقة متماثلة او متشابهة من الناحية السوسيولوجية او الاجتماعية او الطبقية.

وانما هم يحتلون مواقع اجتماعية متنوعة جدا طبقا لمستوياتهم الثقافية ، وأنماط اندماجهم في الدولة او الأمة: أي نوع الوظائف التي يحتلونها في الدولة بصفتهم موظفين رسميين او علماء دين عضويين طبقا لمصطلح غرامشي.

ومعلوم ان المفكر الايطالي كان يميز بين المثقفين العضويين المدجنين من قبل الدولة وبين سواهم من غير المدجنين او غير التابعين للنظام. ومعلوم ان رجال الدين ينقسمون الي قسمين: قسم تابع للدولة وقسم لا.

كما ويختلف رجال الدين فيما بينهم من حيث اسلوب حياتهم الدينية او الدنيوية. فبعضهم ذوو حياة اجتماعية راقية، وبعضهم يشتغل كحرفي في احدي الصناعات، وبعضهم تاجر، وبعضهم ولي من أولياء الله الصالحين، وبعضهم صوفي، وبعضهم من المرابطين، وبعضهم يشرف علي ادارة الشؤون الدينية المقدسة الخ..ولكن أيا يكن نمط الحياة التي ينتمون اليها فان رجال الدين يجسدون نفس الوظيفة الاجتماعية - التاريخية ويلعبون نفس الدور.

أقصد بذلك انهم يقومون بمهمة المراقبة والضبط والتوجيه والتعليم والارشاد للناس في المجتمع. وهم يتمتعون بصفتين اثنتين تميزهما عن بقية الناس: أولا كلهم يعرفون القراءة والكتابة في مجتمع كان معظم أفراده أميين.

وثانيا كلهم يدعون الكفاءة والمعرفة والخبرة في مجال العلوم الدينية. وبالتالي بإمكانهم أن يصبحوا ايديولوجيين عند النظام: وعندئذ تكمن مهمتهم او قل مهمة بعضهم في خلع المشروعية الدينية المقدسة علي السلطة القائمة كما كان يفعل ابن قتيبة في وقته وكذلك الغزالي والماوردي وأبو يعلي الخ..ولكن البعض الآخر قد يصبح مرشدا دينيا وبالتالي سياسيا للجماهير الأمية التي لاتعرف القراءة والكتابة. وبالتالي فلا علاقة مباشرة له بالنظام. وبعضهم الثالث قد يصبح مرشدا روحيا لفئات مقلصة العدد كالطرق الصوفية التي تعتمد علي الانتساب العفوي او الطوعي.

كنا قد ذكرنا سابقا كيف ان علماء الدين في الفترة الكلاسيكية كانوا قد أدوا وظيفة احتجاجية نقدية اذ راحوا يذكّرون الحكام مرارا وتكرارا بضرورة تطبيق الشريعة. وقد تحلوا بالنزعة الواقعية المعتدلة اذ لم يلحوا علي اقامة نظام الخلافة أمام حكام وأمراء من أصل أجنبي بل وحتي عبودي: كالمماليك. وكذلك الامر فيما يخص الاولياء الصالحين والمرابطين فانهم حلوا محل الدولة المنهارة او الخائرة القوي والمقصرة في أداء واجبها تجاه السكان.

لقد حلوا محلها عن طريق القيام بعدة واجبات دفعة واحدة. فقد قاموا بمهمة الدعاة المبشرين، والمرشدين الدينيين،والوسطاء السياسيين في مناطق نائية وعرة تخرج كليا عن نطاق السلطة المركزية.

ومعلوم ان هذه الاخيرة راحت تضعف اكثر فاكثر علي الاقل بدءا من القرن السابع الهجري - الثالث عشر الميلادي. والواقع ان الامبراطورية العثمانية كانت شاسعة واسعة الي درجة انه كان يصعب عليها ان تشمل بسلطتها انطلاقا من عاصمتها اسطنبول كل الاقاليم البعيدة النائية.

ولكن هذه الوظائف والمهام التي قام بها رجال الدين والتي هي مفيدة من الناحية الاجتماعية كان ثمنها باهظا علي الصعيد الفكري والثقافي.

نقصد بذلك انهم أهملوا الفكر والثقافة ولم يؤدوا الي حصول أي تطور في هذا المجال الحيوي. فبما انهم كانوا مشغولين جدا بضرورة المحافظة علي الحد الأدني من النظام الاجتماعي والحياة الدينية والثقافية طبقا للشريعة، فانهم انغلقوا داخل الفكر الامتثالي، أي فكر التقليد، الذي لاتجديد فيه ولاتقدم الي الامام.

لقد استعادوا في أحسن الاحوال التعاليم الشرعية او الشرعوية لأئمة المذاهب السابقين. وهكذا دخلنا، او قل دخل العالم الإسلامي، فيما ندعوه: بزمن الارثوذكسية.

ونقصد به الزمن السكولائي المدرساني التكراري الاجتراري الرتيب الممل الذي نسي تلك المناظرات الفكرية الكبري التي كانت تجري في العصر الكلاسيكي المجيد من عمر الحضارة العربية الاسلامية.

وهو العصر الذهبي، عصر التعددية العقائدية، الذي يشمل مختلف المذاهب الاسلامية بل وحتي الاديان غير الاسلامية.

في ذلك الوقت كان الجميع يتناقشون ويتحاورون ويخوضون في مختلف الشؤون الدينية والعقائدية بكل حرية. حتي الملاحدة او الدهريين كان يحق لهم ان يدلوا بوجهة نظرهم احيانا! هذا العصر الذهبي محصور بفترة القرون الهجرية الاربعة او الخمسة الاولي.

وهي الفترة الواقعة بين القرنين السابع والحادي عشر للميلاد. بعدئذ ابتدأ الجمود والانحطاط وزمن الارثوذكسية الذي لم نخرج منه حتي الآن.

الأحد، 20 سبتمبر 2009

الحملة ضد الوباء على الأرض

الحملة ضد الوباء على الأرض


لقد صنع المدونون الفرق. ليسوا ظاهرة صوتية، بل فاعلون لنشر الوعي. أهنيءُ الشباب على البادرة. بادرة رمزية لا بُد أن تصنع الفرق فيمن يتهيبُ حتى الآن أخذ زمام المبادرة في مكافحة المرض بأرض عُمان.

أشكرُ الصديق معاوية الرواحي على التغطية، وأنقل لكم التالي من مدونته:

الإفطار الجَماعي قبل الإنطلاق

البِطاقات التي صممها مشكوراً بدر الهنائي والتي لبسناها أجمعين

جزء من الكَمية التي قام بجلبِها عمار المعمري بعلاقاتِه الشخصية مع إحدى الشركات

بالطبع تلاحظون الكرتون [انبزجَ] وحتى هذه اللحظة سياراتي تتوح ديتول كأنها مستشفى ...

عمار المعمري يستعد قبل الخروج للدعوة إلى التعقيم ضد الخنزير الزكمان

صديقنا الحساوي الذي تكفل بالحديث باللغة الهندية ومختلف اللغات

كان عموداً فقرياً مهماً للدعوة ..

وليد النبهاني قبل الكمامة ..

البوسترات التوعوية التي جلبها أيضا عمار بعلاقاته الخاصة

بداية الحَملة بتوزيع الديتول على أصحاب المطاعم، وإخبارهم عن ضرورة تعقيم الطاولات بعد ذهاب الزبائن ..

أخوكم راعي سمائل وهو يشرح فائدة صابون اليد ..

ختام المرحلة الأولى من الحَملة: توزيع الديتول على المطاعم ..

الأغراض التي قمنا بتوزيعها ..

بدء الجزء الثاني من الحَملة، المشي في سوق مطرح، وإخبار الناس عن معقم اليد الكحولي وفائدته في الحد من العدوى ..

توزيع كمامات على سائقي سيارات الأجرة في الكورنيش، وقد افادونا أن باخرة ستصل غدا وطلبوا المزيد من الكميات ..

أحد سائقي سيارات الأجرة وهو يلبس الكامامة ..

المرحلة الثانية [أو الثالثة] نسيت تو .. المهم المشي في السوق وتعقيم أيدي الناس وإخبارهم أن هذه أفضل الطرق للحد من انتشار العدوى بسبب ملامسة الأجسام الملوثة بالفايروس ..

صاحب المطعم الذي تكرم ووضع الأغراض عنده ونحن نوزع ..

صورة جماعية في نهاية الحَملة .. بس من باب المنيَّة .. عشان نقول سوينا وفعلنا ..

صورة تجمعني بنيافة الصديق الكبير عمار المعمري، تلاحظون آثار العرق وإننا نسأل الله تعالى الأجر، وأعانهم الله لاحقاً على الصنان الذي فاحَ بطريقة مفزعة ..

صور الحَملة بتاريخ: 19/9/2009م المكان/ سوق مطرح تمام الساعة السابعة مساءً ..


حملة المدونين العُمانيين للتوعية

عن مرض الخنزير الزكمان

قبلَ يومين اجتمعنا نحن المدونين العُمانيين متكونين من [عمار المعمري ــ وليد النبهاني ــ حشر المنذري ــ بدر الهنائي ــ المهذون معاوية الرواحي] في كوستا بريق الشاطئ لمُناقشة فِكرة إقامة حملة لتوعية الجمهور العُماني عن مرض الخنزير الزكمان. خلال تلك الفترة ناقشنا الأدوار الواجب علينا أجمعين للحملة التي ستقوم وتخرج من دارسيت الكبرى إلى مطرح تحديدا سوق الظلام الذي انتشرت إشاعات عنه مؤخرا أنه [مغلق]، والبعض يقول أنها حركة [خبث] من الحكومة أن تخترع هذه الإشاعة، وإن كنت أؤمن أن الحكومة ليست [فاضية] لتفعل هذا الأمر. على أية حال تحمست بشدة للفكرة، وشعرت بالسعادة ولعل التدوينة التي كتبها حمد الغيثي، والحماسة التي أبداها كل من بدر الهنائي وعمار المعمري هي التي أخرجت هذه الحَملة بطريقة جَميلة.

&&&

الكميات التي كانت معنا لم تكن كثيرة، فالهدف لم يكن إيصال المواد التعقيمية بقدر ما كان توعية الناس وإخبارهم أنَّ المعقمات تلعب دوراً في الحد من العدوى، وقد اشترى الشباب مجموعة من معقمات اليد إضافة إلى الكميات التي جلبها عمَّار من الشرقية صباح اليوم، طبعا المنحوس ذهب بسيارتي وانبزجَت إحدى علب الديتول وغشَّت سيارتي شرَّ غشش، ولكن ماذا أقول، كل شيء يهون من أجل الوطن عوين.

&&&

المرحلة الأولى: توزيع المنشورات التوعوية وعلب الديتول على أصحاب المطاعم. لم تأخذ هذه المرحلة وقتاً طويلاً، بسبب الكمية المحدودة التي كانت معنا، شرحنا للندل كيف تنتقل العدوى بسبب ملامسة الأماكن الملوثة بالفيروس، وكذلك خطر الخنزير الزكمان، وعلى ضوء ذلك خرجنا جَميعاً بنتيجة جيدة للغاية وتجاوب رائع من قبل أصحاب المطاعم. بضعهم حسبَ أننا من وزارة الصحة، ولكن كان ذلك في صالحنا إذ أعطانا بعض الهيبة. المهم يا وزارة الصحة إذا اتصل بكم أحد يشكركم تراه عرفونا حنوه السبب. المهم يا شباب، بعد أن انتهت هذه المرحلة بدأت المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية كانت مع أصحاب التكاسي، وما أثار انتباهي أنَّهم يريدون كل شيء مجاني، يعني لا يريدون الذهاب إلى الصيدلية لشراء كمامات، وليست لديهم فكرة عن معقمات الأيدي، إذ حسبها كثيرون أنها [صابون] يحتاج إلى ماء. على أية حال شرحنا لهم فكرة المعقم، وقلنا لهم أنه سيحد من العدوى، ونبهنا أحدهم أن باخرة ستصل صباح الغد في الثامنة صباحاً وكانوا خائفين من العدوى.

&&&

المرحلة الثالثة: كانت عبارة عن المشي في سوق مطرح وإيقاف الناس من أجل تعقيم أيديهم بعلب معقم [ريم] المنتج العماني، ومع أنني شخصيا أفضل الديتول لأنَّه لا يترك بقايا في اليد إلا أنني شعرت بالواجب أن أروج للمنتج العُماني، على أية حال هناك وجدنا مشاهد مختلفة من قبل مختلف الأشخاص سأوجزها فيما يلي:

1- عدد كبير من الناس وبالتحديد من الآسيويون أو الأجانب أولاد الحمراء من السواح تفاعلوا مع الحملة وصوروا أفرادَها وكانوا سعيدين.

2- بعض الشباب وجدوها فرصة للسخرية منَّا وهذا ما أثار انزعاجي، ولولا وليد النبهاني لكنت قد [نقعتُ] في وجه أحد هؤلاء الفارطين الذين لم يجدوا فرصة للسخرية إلا منا.

3- عدد كبير من العُمانيين كانوا يريدون الحصول على كميات مجانية من الكمامات ومعقمات الأيدي وعندما اعتذرنا لهم بسبب الكمية المحدودة جابهونا بالضيق من [بخلنا] ووصفنا أحدهم بأننا [حِيَف] وبخلاء.

4- كثيرون ليست لديهم أية فكرة عن وجود [معقم] كحولي للأيدي، ويحسبوه صابون، واضطررنا لمرات كثير أن نشرح فكرة التعقيم، هذا على الأقل ما حدث لي مع وليد لأننا انفصلنا بعد وصولنا للسوق.

5- التجاوب في العادة يأتي من العائلات سواء الأزواج مع زوجاتهم أو من لديهم أطفال، أما العازبين والعازبات فإن تجاوبهم ضعيف للغاية، البنات قلقات ربما من مجيئنا للمغازلة وأما الشباب فأخذوها سخرية وهزءا.

6- عدد يحمل دلالة إحصائية من الناس رفضوا التعقيم وردّوا علينا [بأن الحماية من عند الله] ونصحونا أن نكل الأمر إلى الله. بالطبع معظمهم من الإخوة من ذوي اللحى الطويلة. ومن ناحية أخرى أكثر الذين تفاعلوا حملة التعقيم هم من ذوي اللحى الطويلة، هذا أثار سعادتي وربما أزال بعض التوقع السيء الذي كنت أحمله مسبقاً عن هؤلاء الشباب.

&&&

خلاصة: على هذه العجالة، لا يمكنني أن أوجز لكم الفوائد الجمة التي خرجتُ بها من حملة كهذه، على الأقل كنت سعيداً بخروجي واختلاطي مع الناس الذين لا أعرفهم. بالطبع لم تخرج المصادفات من لقاء ببعض البشر الذين رأوا فيما نفعله [كلام فاضي] لأن الشعب العُماني [جاهل] كما يرون، ولكن بصدق يا شباب، أنصحكم أجمعين بالخروج سواء خلال العيد وإخبار الماشين والذاهبين في الشارع عن ما يحدث في البلاد، عدد الموتي يكاد يصل إلى عدد وبائي مخيف، والمرضى يهرعون ليل نهار لمستشفيات وزارة الصحة التي لا تعطيهم أكثر من التطمينات التي لا تشفي الأمراض في أغلب الأحيان. المهم أنا شخصيا أشعر بسعادة بالغة وأشكر الشباب على جهودهم الرائعة، وأتمنى أن يخرج الجَميع إلى حملات مشابهة. المهم توجد حملة أخرى في فترة العيد، وإن شاء الله سآتيكم بالتفاصيل ...


إعلان - حملة المدونين العمانيين ضد H1N1

إعلان - حملة المدونين العمانيين ضد H1N1




تم إطلاق حملة المدونين العمانيين ضد H1N1 وستبدأ الحملة أولى فعالياتها اليوم.. سننزل إلى الشارع وستكون محطتنا الأولى سوق مطرح لتوعية الناس ونشر ثقافة استخدام المعقم الكحولي باستمرار.

خلال فترة إجازة العيد سيتم تخطيط أنشطة ما بعد الإجازة، مع استمرار كتابة ونشر التدوينات المتعلقة بالموضوع. نناشد كل من لديه نصائح أو حقائق أو أخبار قد لا تنقلها لنا وسائل الإعلام التقليدية بالمساهمة في الحملة بالكتابة، وفي النهاية فإن معظمنا لديهم أقارب في الجهات المعنية ومن الممكن أن نحصل على بعض الأشياء المهمة التي تستدعي أن نتشاركها مع المجتمع.

للإنضمام إلى الحملة رسميا، كل ما عليكم فعله هو وضع البانر الخاص بالحملة في مدوناتكم، والتركيز على الكتابة عن الموضوع كل حسب اختصاصه وقدرته، ومن لم يستطع الكتابة أو لم تكن لديه معلومات أو مصادر، يمكنه أن يكتفي بلصق أهم التدوينات التي يتم نشرها بهذا الخصوص. سنوافيكم بتغطية مفصلة حول الأنشطة التي سنقوم بها، كما سنوجه الدعوة لمن يرغب في المشاركة في الأنشطة عندما يحين الوقت المناسب لذلك.

الخميس، 17 سبتمبر 2009

بدء حملة المدونين للتوعية ضد إنفلونزا الخنازير بالسلطنة

بدء حملة المدونين للتوعية ضد إنفلونزا الخنازير بالسلطنة



ارتفاع وفيات إنفلونزا الخنازير في السلطنة مؤرق للغاية، وارتفاع أعداد الإصابة بها. أعلى عدد وفيات بالخليج سُجِّل حتى الآن في سلطنة عمان (١٦ إصابة حسب الإحصائيات المنشورة). الخطر يتزايد مع "تجمد" الحكومة. الحكومة لا تفعل الكثير. تماماً كما حدثَ في جونو، لا تعرفُ ما تفعل بشأن أعداد الإصابات بإنفلونزا الخنازير. أقرأ في الصحف عن إلغاء مهرجان مسقط خوفاً من الإنفلونزا، كي يتجنبوا ما حدث في ظفار والمهرجان السياحي والإنفلونزا. أنباء من الداخلية تفيد أن كتيبة الجبل الأخضر انتشر الوباء بها. وماذا تفعل الحكومة؟!

السلطان يشكل لجنة وطنية لمتابعة المرض. واللجنة اجتمعت أمس الأول برئاسة وزير الديوان. ناقشوا "استيراد الأمصال الجديدة". اللجنة والحكومة من وراءها تقف بانتظار أن ينتشر الوباء في كل بيت بعمان لنتوجه إلى المفتي ليدعو الله أن يرفع البلاء من البلاد بعد أن يموت الحرث والنسل.

بعد العيد سوف يرجع بعض الطلبة إلى المدارس والجامعات ومعاهد التعليم العالي المختلفة. سيكونون معرضين للفيروس بطريقة أو بأخرى، وكل طالب سيرجع بالعدوى إلى عائلته، ومجتمعه المحلي. ولا تُبذل الكثير من الجهود حتى الآن لمنع ذلك.

بعد أيام سيكون العيد. سيصلي الناس العيد. ويرجع الآن آلاف المعتمرين من عمرة رمضان حاملين الوباء معهم. سيختلط الحابل بالنابل مع فرحة الناس. والناس لايعرفون الخطر الكامن في المرض بسبب قلة الوعي. سيكون العيد فرصة ثمينة لتزايد المرض.

ما الحل؟

  • نعتقد أنه ينبغي أن يتحول الإعلام العماني (بكل فصائله وأنواعه) إلى إعلام طواريء، يُثقف الناس بالسلوكيات الصحيحة تجاه المرض وسبل النظافة الشخصية. تذيع نشرات الأخبار في التلفاز والراديو السلوكيات الجديدة: "لا مصافحة، ولا تقبيل، لا صلوات الجُمع".

  • تفرض الحكومة بأجهزتها التنفيذية (البلدية، والشرطة) قيوداً على مراكز التسوق، والفعاليات الاجتماعية والدينية الكُبرى، كالعيد، والأعراس، ومراسم العزاء. فيقل الاختلاط.

  • إلغاء الفصل الدراسي الأول من السنة الدراسية الحالية، وإن لم يقل انتشار المرض حتى نهاية فبراير، فتُلغى السنة الدراسية بأكملها.

  • إطلاق حملة تعقيم ونظافة عامة في المرافق العامة، والأسواق الشعبية وملحقاتها، والمدارس، والدوائر الحكومية الخدمية.

  • مراقبة أوضاع العمالة الوافدة الصحية، وإخضاعهم للفحص الصحي المستمر، والتأكد من عزلهم في حالة إصابتهم بالمرض.

  • ....إلخ

من أجل التوعية!

هُنا في أستراليا، تحركت الحكومة والمجتمع المدني سريعاً عندما ظهرت طلائع انتشار المرض في إبريل الماضي. كانت الحركة واضحة جداً في التلفزيون (العام والخاص)، والراديو (باختلاف محطاته)، والملصقات في الأماكن العامة، وفي المستشفيات والعيادات، وعبر وسائل الإنترنت دون ريب. خلال مدة بسيطة كوَّن المجتمع فكرة عن المرض، وأعراضه، وكيفية التعامل معه. كانت الناس يلبسون الكمامات. ونشرات التحذير والتنبيه تتواصل يومياً عبر البريد الإلكتروني والراديو. الآن، اجتاز المجتمع الأسترالي مرحلة الخطر -بأقل الخسائر- خصوصاً مع الصيف القادم وتغير المناخ.

الشتاء القارس الذي يلوح في الأفق سيؤجج احتمال انتشار المرض في عمان. لهذا عزمنا -كمدونين عمانيين- على التحرك لفعل شيء على الأرض. المدونون العمانيون سوف يكتبون حول هذه الأزمة. سنتابعها جميعاً. وسنتابع الجهود المبذولة من قبل شباب عماني. سيكتب المدونون عن الجميع، في المدونات، في الفيس بوك عبر تجمع المدونين العمانيين،
وفي المنتديات الإلكترونية.
سنصلُ لقلوبكم وعقولكم.
نرحبُ لمن يريد الانضمام..

الأحد، 13 سبتمبر 2009

حفلة التيس

حفلة التيس


الكاتب: ماريو بارغاس يوسا
ترجمة: صالح علماني
الناشر: دار المدى
الكتاب: 440 صفحة من القطع المتوسط.

من هو التيس؟

تعرفتُ لمعنى آخر لهذه المفردة في الدارجة العمانية -غير ذكر الماعز- منذ ما يقرب ٣ أو ٤ سنين. تُستخدم هذه اللفظة لنعت الرجل النشط جنسياً، والذي يتميز (أو يتصف) بتعدد علاقاته الجنسية. وقد ظننتُ حينها أن هذا المعنى مقتصر فقط على الدارجة العمانية، أو حتى فقط على بعض مناطق عمان. إلاَّ أن فكرتي هذه تغيرت حينما اطلعتُ على كتاب سيد القمني "الأسطورة والتراث" سابقاً، فاكتشفتُ أن التيس له دلالات أخرى في أساطير منطقة الجزيرة العربية قديماً.

ومن هُنا، حينما أخبرني الصديق عوض اللويهي عن هذه الرواية شدَّني اسمها، فتبرع اللويهي بإرسالها لي. وقد فعل ذلك مشكورا.ً
.

حفلةُ التيس، ما أزال محتاراً في دلالة معنى العنوان حتى بعد انتهائي من قرائتها بتمعن شديد. فقد توصلتُ لمعرفة هوية التيس، لكنني ما أزال متردد في الحفلة. لم يكن التيسُ: النشط جنسياً، والديكتاتور الأحمر، والجاهل الأرعن، والسارق لخير الأمة، والرئيس الموقر سوى الديكتاتور تروخييو مولينا ديكتاتور دولة الدومينيكان طيلة ثلاثين سنة حتى اغتاله شباب من الناقمين عليه بدرجة كبيرة.

كانت "حفلة التيس" من ذلك النوع من الروايات أو الكتب التي تملأ قارئها حتى الثمالة عبر رحلة إنسانية مثيرة ومشوقة وعميقة لتمر عبر حالات إنسانية متطرفة تتسم بالمتعة الحقيرة، أو الذل الكبير، والذي ينتهي عادة بإثارة الأحقاد العاصفة حتى تنتهي بمقتل مسبب هذه الأحقاد، وقد كان هُنا الديكتاتور تروخييو.

يستخدمُ بارغاس يوسا ضمير الغائب ليروي هذه الرواية المتشعبة. يستخدمُ ضمير الغائب بخفة وبراعة كبيرة ليحكي على لسان شخصيات متنوعة، ولينقل مشاعرهم، ويحاكمهم أحياناً، ثم ينتقل برشاقة لينقل دفوعات شخصياتهم أو خوفهم وقلقهم النفسي. ولعل الكاتبُ سردَ أحداثاً بلسان شخصيات عديدة في الرواية باستثناء الديكتاتور تروخييو الذي نقل الجميعُ الصورةَ والخوف منه وعنه، فقد كان ذلك الصنمُ الفرعوني أبو الهول الذي يقفُ شامخاً ليثير الرعب في الجميع، إلاَّ أن صروف الدهر كانت أقوى عنه فانفجرت مثانته لتثير قلقه العميق بشأن فحولته التي طالما تفاخر بها.

وفي هذه الرواية يرسمُ بارغاس يوسا مجاهل السياسة كسياسي خبير، ويرسم قسوة الحكم الديكتاتوري ودنائته، واستخدامه الأمثل للمثقفين في تسويق صورته الإلهية والضرورية للشعب. لقد آمن الدومينيكانيون العاديون بضرورة حكم تروخيو، ولم يستطيعوا تخيل حاكم آخر غيره، فقد جعله الله خليفته في أرضه، وبواسطة الديكتاتور ترسخت الهوية الوطنية، وصُدَّ الأعداءُ، وحُققت الوفرة المالية. لم يشذ عن هذه الرؤية إلاَّ الذين عايشوا النظام من الداخل، عرفوا كيف تسير الأمور، وكيف تتحول الدولة الوطنية إلى أسهم عائلية في شركة يمتلكها المنعم الكبير.

للرواية عدة محاور تأتي على لسان أبطالها، محور متسع على لسان منفذي الاغتيال للديكتاتور. كانوا خمسة ويقف ورائهم شبكة واسعة من أعيان النظام نفسه أرادوا التخلص من التيس الشيطان. ومحور آخر يسردُ أحداث الماضي التي تطلعُ القاريء على الدومينيكان والأحداث التي أدت إلى تنصيب تروخيو ديكتاتوراً على الدومينيكان. أما المحور الأبرز والشد بريقاً إنسانياً فقد كان مع مولينا كابرال ابنة الوزير أوغسطين كابرال التي هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهي مراهقة صغيرة لتعود إليه بعد أكثر من ثلاثين سنة. تبدأ الرواية مع مولينا كابرال، وتنتهي معها، ولا يكتشفُ القاريء سر حقدها الدفين على بلدها وأبيها إلاَّ في آخر الصفحات التي تسردُ فيها اغتصابها من قبل الديكتاتور تروخيو.

شدَّني كقاريء سردُ الكاتب للأحداث التي تلت اغتيال تروخيو، واحساس الدومينيكانيين بالخسارة التاريخية جرَّاء ذلك. لم يستوعب الدومينيكانيون أن التيس مات إلاَّ بعد أسابيع، ولم يستعبوا التاريخ الجديد الذي أطلَّ عليهم إلاَّ بعد شهور، ولم يظهر في الشعب والصحافة الناسُ الذين ينتقدون النظام البائد وفساده إلاَّ بعد شهور مديدة. أيضًا ترسمُ الأحداثُ الأصابع الأمريكية التي تتدخلُ في كل شيء كي تسير مصالحها كما ينبغي.