الخميس، 22 يناير 2009

رد قارئة على "الحسين بن علي ولعب الكرة"

رد قارئة على "الحسين بن علي ولعب الكرة"


كتبت الأخت طالبة طب تعقيباً على "نافذة الحسين بن علي ولعب الكرة":

"على الرغم من إعجابي بكتاباتك ومتابعتي الدائمه لمدونتك، إلا أنني وجدت في هذا الموضوع ما استفزني بشدة،،
أنت كاتب،،أنت تمتهن الكلام،،أنت تعبر عن رأيك وتنفس عن غضبك من خلال مدونتك ..ولكن غيرك (غير الكتّاب) لهم طرقهم في التعبير، وقد يكتفي الأغلبية بالدعاء، ولا أظن أنك تخالفني الرأي بأن الدعاء لهم (وهذا أضعف الإيمان) لهو أفضل من مجرد "الكلام" الذي تقوم به هنا!!
ثم تأتي لتشكك في نية المصلين عند قولهم آمين!!!
أكثر الكلام إيلاماً عندما تقول "...المسرحية التي يتقنها الجميع بكل نفاق!!!!!"
ألا تعتقد أنك تبالغ قليلا بأنك الوحيد المتأثربالذي يحدث في غزة؟؟ وأنك الوحيد صاحب النية الصادقة من بين جموع المصلين؟؟؟
هل لي أن أسألك ماذا قدمت أنت لأهل غزة غير "الكلام"؟؟؟"

أختي العزيزة،
no offense كما يقول أصحابنا المشتركون. ولا أتضايق من الآراء المختلفة معي إطلاقاً. ربما يجدر بي أن أصحح لكِ -أختي- أنني لستُ كاتباً، فأنا لست محترفاً. إنني أشخبط، أو أهذون حسب مصطلح معاوية الرواحي. إنني فقط أحاول التعبير عن نفسي مستخدماً التقنية بحذر كبير كي أتجنب آلهة جوجل، وهذا ليس موضوعنا على أية حال.

لقد افترضتِ أنني غاضب حقاً مما يحدث في غزة، أو أنني أتفاعل مع ما يحدث هناك، أو أنني قد أكثرت الكتابة حول مأساة أهل غزة. لا، هذا لا يطابق الواقع كما أعتقد.

إنني أعيش حياتي بشكل معتاد يا أختي الطالبة. لا أتابع التلفاز مطلقاً، وأسمع الموسيقى بشكل لحظي تقريباً. شاهدتُ فقط لقطات من اغتيال سعيد صيام بالصدفة وشعرتُ بالأسى. حتى الجرائد التي أشتريها بكثرة، فإنني أتجاهل أخبار غزة. إنني أحاول إبعاد نفسي مما يثير القلق. الشيء الوحيد الذي فعلته من أجل غزة -ولا يجدر بي ذكره هنا- هو التبرع المالي.

إنني لم أحاول أن أشكك في نية المصلين كي أقول أن نيتي هي الصادقة. إنني لا أعلم ما تخفيه الصدور كما جاء في القرآن، إلاّ أنني عاقل تماماً، وأستطيع تقدير بعض المشاهدات في الحياة اليومية. مصلو الجمعة هم ناس، والناس تشكل مجتمع يتأثر بالمتغيرات والظروف المحيطة. وهم قد تأثروا بكل تأكيد ببطولة كأس الخليج، وأحداث غزة. إلاّ أنه يجب التفريق بين الأثرين.

ما فعله المصلون يوم الجمعة ذكرني بأحد شعراء العصر العباسي الذي أتى مهنئاً الخليفة باعتلاءه عرش دولة بني العباس. لقد أنشد الشاعر قصيدة جاء فيها أن إحدى عينيه تبتهج بإعتلاء الخليفة الجديد العرش، والعين الأخرى تبكي موت الخليفة السابق، ولايخفى عليكِ النفاق في هذه الصورة الشعرية، فالله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه كما جاء بالقرآن. غني عن القول إنني لا أتذكر اسم الشاعر ولا الخليفة ولا القصيدة، لكنني سأحاول البحث عن هذه المعلومات من بعض الكتب. وموقف المصلين يذكرني أيضًا بكتاب أدبي للتركي عزيز نيسين اسمه "يساري أم يميني"، وجاء على غلاف العمل الأدبي شخص منقسم على نفسه لا يدري أهو من أهل اليمين أم من أهل اليسار.

إنني لا أستطيع أن أفهم يا أختي العزيزة الصراخ والدعاء القوي الصادر من أهل المسجد لأهل غزة، والذي سيعقبه بعد 4 أو 5 ساعات احتفالات صاخبة في الشوارع ابتهاجاً لفوز المنتخب العماني على منتخب منافس. إنني لا أفهم الصراخ لكنني أستطيع فهم ما يدفعهم لذلك.

هؤلاء لا يتجنبون ما أحاول تجنبه، إنهم بلا شك يقرؤون الصحف ويشاهدون الجزيرة يومياً، وبها صور الدم، والأبنية المهدمة والتصريحات المثيرة للاشمئزاز. كل هذا يثير في أنفسهم عقدة الذنب والتقصير تجاه أهل غزة، إلاّ أنهم لا يحارون طريقة مناسبة للتعبير عن ذلك، فانسداد الأفق السياسي في البلد والمنطقة يمنع ذلك بكل تأكيد. ثم يأتي خطيب الجمعة ويبدأ الصراخ من على المنبر ليزيد منسوب المترسب في "وعيهم"، وحينما يأتي وقت الدعاء فإنهم يتفاعلون بقوة معه، وينوسون بشدة مع دعاء الخطيب الذي بدوره يدعو على الصليبيين والكفار واليهود والمسلمين الخونة. هنا يفرّغ المصلون ما ترسب فيهم خلال أسبوع مضى، وبهذا يخرجون من المسجد خفيفي النفس ومرتاحي البال.

على الطرف الآخر، نرى يا عزيزتي آثار بطولة كأس الخليج. لا أخفيكِ أنني في خضم هذه البطولة زرت مدناً عمانية عديدة. مررتُ على الباطنة من شناص إلى بركاء، وأيضًا كنت بمسقط ورأيت الزينة والأعلام والفرحة العمانية والأمل الكبير في الكأس -الذي أحرِزَ لاحقاً-، ولكنني لم أرى أعلاماً فلسطينية أو حمساوية. إن هذا يعكس تعلقهم بالبطولة وقلة اهتمامهم بما يحدث في غزة. إنهم يعبرون عن حبهم للبطولة بكل أريحية لأن المجتمع والإعلام يوجههم إلى ذلك، لكنهم لا يفعلون ذلك لأهل غزة.

هذه هي مشاهداتي لما يحدث أمام عينيّ أختي العزيزة، وأعتقد حقاً أننا لسنا متعلقون بغزة كثيراً. يحركنا الواجب تجاههم، وتمنعنا "الشهوات وحب الدنيا". ويا ترى ما هي الدنيا التي تدفعنا لتناسي الموت والأرض الخراب؟!
أتمنى أن تطرحي آراءكِ إن قدّرتِ أنها تخالف ما عندي.
وأتأسف يا أختي إن جرحتُ شعوركِ.

حمد الغيثي

الخميس، 8 يناير 2009

جيحون وأشكال الصراع

جيحون وأشكال الصراع


ذكر لي صديق أمضى بمؤسسة حكومية ما يقارب 20 سنة أن موظفة مبتدئة بدأت تزحف نحو صلاحياته الإدارية والفنية. سألته لماذا يحدث هذا؟ قال: صراع أجيال!

جعلتني مقولة صديقي هذا أستذكر أشكال وآليات الصراع في جيحون. لقد ذكر الرجل "صراع الأجيال"، وهو إحدى أشكال الصراع المتعددة التي تحدث في أنحاء العالم كل يوم.

في دولة جيحون يوجد صراع بكل تأكيد لأنه مجتمع بشري، لكن الجميع يعمل على إخفاء إحداثيات الصراع ونتائجه رغم أنها تظهر للعيان في أحيان قليلة. جيحون دولة مستقرة سياسياً، إلاّ أنها تشهد العديد من الصراعات التي تحدث تحت الطاولة مثل صراعات الأجيال، وصراع تحديد الهوية والوجهة، والصراع الديني-الديني، والصراع الديني- العلماني، والصراع الديني- اللاديني، والصراع المذهبي، وصراع الطبقات الإجتماعية المهم في كل المجتمعات والمتمثل بصراع البرجوازية الصاعدة مع الأرستقراطية، وصراع الطبقة المتوسطة مع الطبقة العليا، وصراع العمال مع الجميع، ولاننسى الصراع السياسي..إلخ

نعم، لقد قلتُ إن جيحون دولة مستقرة إلاّ أنها تشهد كل هذه الصراعات وإن كان يحدث هذا يحدث تحت الطاولة لأن "الطبقة الحاكمة" لا تسمح بظهور أشكال الصراع إلى العلن إلاّ أنها تحاول -كلما حالفها الحظ- في إدارة الصراع كي لا ينشأ الانفجار تحت ضغط القانون الفيزيائي المهم "لكل فعل ردة فعل مساوية له بالمقدار ومعاكسة له بالاتجاه".

هنا سنتناول جيحون وأشكال الصراع فيها، لأن الصراع هو محرك التاريخ كما تقول بعض النظريات الفلسفية، وربما يقول القرآن كذلك. لكن قبل أن نبدأ ثرثرتنا حول الصراع يجب أن أخبركم قليلاً بعض المعلومات الأساسية عن"دولة جيحون"، ولاتنسوا أنني أعتمد في هذا على الخيال:

إنها دولة ملكية مطلقة Absolute Monarchy، يحكمها ملك. يبلغ تعداد الدولة مليون مواطن، وبها نصف مليون وافد. للدولة حدود برية وبحرية مع الدول الأخرى. لها دستور منحه الملك للشعب. تبلغ نسبة الأمية في جيحون 30% تقريباً. اقتصاد جيحون يعتمد على بعض الصناعات السلعية (سوف نغير هذا كلما اقتضت الضرورة).

جاء في كتاب "موسم الهجرة إلى الشمال":

"نعلم الناس لنفتح أذهانهم ونطلق طاقاتهم المحبوسة. ولكننا لا نستطيع أن نتنبأ بالنتيجة- الحرية. نحرر العقول من الخرافات. نعطي الشعب مفاتيح المستقبل ليتصرف فيه كما يشاء". ص 153.


السبت، 3 يناير 2009

جيحون أو الأرض اليباب

جيحون أو الأرض اليباب


جيحون دولة عربية افتراضية سوف ترافقنا منذ اليوم في هذه المدونة. هي افتراضية وليست حقيقية، وأشددُ على هذا كثيراً. ستكون جيحون صديقة جديدة أثرثر حولها، وأنشر عنها بعض الأكاذيب. أرجو أن تضعوا هذا في أذهانكم عندما تقرؤون عنها هُنا.

جيحون دولة جديدة أضيفها لدول الصفيح والطوائف العربية. إنها على غرار دولة "موران" التي اخترعها الروائي السعودي عبدالرحمن منيف في خالدته "مدن الملح". عن هذه الدولة سأتكلم منذ اليوم، سأقول عنها بعض الأشياء، وسأنشر بعض الآراء التي أتمنى أن تتقبلوها بأريحية الموتى.

لماذا "جيحون"؟
ربما يغريكم الشيطان بهذا السؤال، لذا قررتُ أن أختصر المسافة. لهذا الاسم دلالة لغوية أستطيع رؤيتها بشدة، ومتأكد أنكم تستطيعون. إلى جانب ذلك، هذه اللفظة أطلقتُ تاريخياً على إحدى الدول الغير رائعة.
في هذه الرحلة سيرافقنا بعض الشعراء أصحاب الكلمات الجميلة، ربما محمد علي شمس الدين، ربما محمود درويش، ربما نزار قباني، وأكيداً أمل دنقل..

جيحون، ستكون معنا، ونحن معها،
والطريق يمضي حتى الافتراق..