الجمعة، 16 ديسمبر 2011

المرزوقي رئيساً في تونس

المرزوقي رئيساً في تونس


قد أدبر ما أدبر، وأقبل ما أقبل
علي بن أبي طالب

إذا الشعبُ  يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيبَ القدر
أبو القاسم الشابي


كان السؤال يتردد بصيغ مختلفة: متى ستريد الشعوب العربية الحياة؟ والحياة هنا ليست بيولوجية المعنى، ولكن حضارية رحبة. 

يبدو أن سؤال أبي القاسم الشابي قد صادف جواباً. وكان الجواب في ضواحي الزيتونة، في تونس. 

لعل ما يناهز دهشة ثورة تونس، هو دهشة هوية الرئيس الجديد. إنه تناقض صارخ. تناقض يشف عن تغير كبير حل بالمجتمع التونسي الذي خلع رجل أمن أرعن، ليختار بإرادة حرة رئيساً ذي خلفية مذهلة.

يمكن أن يكون مانديلا العرب. لكن التشبيه فرع من تصوير شيء، وليس أصله. 

لقد أدبر زمان، وأقبل زمان آخر يكون فيه منصف المرزوقي رئيساً لدولة عربية.

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

دعمٌ للمرأة؟

دعمٌ للمرأة؟
ظهرت كتابات متعددة تعتبر أن العرض النسوي في احتفال العيد الوطني الأخير هو دعم مباشر للمرأة من السلطان قابوس. بالمقابل اعتبرت كتابات كثيرة ذلك الدعم السلطاني للمرأة غير مقبول، ويخرج بالمرأة من نطاقاتها المعهودة والمرتجاة.
 ربما ينبغي طرح السؤال مجدداً أيُ  دعم دار حوله الخلاف؟ ودعمُ مَنْ؟ وضِدَ مَن؟
إن نظرة عامة لوضع المرأة العام في السلطنة  لن تلحظ غمطاً لحقوق المرأة الأساسية: حقوق التعليم، والتوظيف، والتملك، واللجوء للقضاء مكفولة. توج هذا الدعم بندوة المرأة العمانية في سيح المكارم، وتخصيص يوم للاحتفال بيوم المرأة، وأخيراً عرض عسكري نسوي. تحبذ وسائل الإعلام نسب هذا "الوضع المتقدم" لحكمة السلطان وتبصره في الأمور.

تنبغي الملاحظة هنا أن هذه الحقوق الأساسية التي تتمتع بها المرأة، لم تكتسبها بصفة جنسها الأنثوي، وإنما بموجب مواطنتها. فهذه الحقوق تكفلت الدولة بتوفيرها للمواطن بغض النظر عن جنسه.

أيضًا، إلقاء نظرة بسيطة لوضع المرأة في المجتمعات الخليجية المجاورة ترينا أن المرأة تتمتع بأوضاع مشابهة، أو متقدمة مقارنة بالسلطنة. وأيضًا تنسب تلك الأوضاع بدورها لحكمة القادة المحليين هناك.

أيضًا، كان الفضاء العام في عمان ما قبل ١٩٧٠م مشتركاً ولم يشهد فصلاً على أساس الجنس. تشارك الجنسان في التعليم المتوافر حينها، وفي العمل بالمهن والحرف التي وفرها الاقتصاد حينها. كانت المرأة عاملاً مهماً في استقرار الوضع المادي للأسر العمانية.
إن لم يكن هناك فرق جوهري بين وضع المرأة العمانية في الماضي والحاضر، فهل هناك دعم للمرأة؟

لا أعتقد شخصياً بوجود قضية جوهرية، ولا يوجود هناك من يطالب بقضايا جوهرية للمرأة في السلطنة. تبعاً لذلك، لا يصح الحديث منطقاً عن تقديم دعم لقضية لا وجود ولا مطالبين لها. 
إن أي دعم يتم الحديث عنه في السلطنة للمرأة هو مشابه في طبيعته للدعم الذي قدمته الحكومة سابقاً للزراعة، والشباب، والشبيبة، والتراث، والصناعة. وهو مشابه أيضًا للجهود التي بذلت في مكافحة الفساد.
.

يمكن القول أن التغييرات السياسية الرئيسة التي شهدتها السلطنة بعد ١٩٧٠م كانت متأثرة بعوامل إقليمية وعالمية، ولم تكن انعكاساً لتغيرات في طبيعة وبنى المجتمع العماني. بل يمكن القول إن التغييرات التي صدرت هذه السنة عن الحكومة هي استجابة لظرف إقليمي كانت له تداعيات محلية. حدث هذا رغم أن الواقع المحلي وصل لانسداد كبير منذ عقد كامل على الأقل، لكن استجابة السلطة جاءت متأخرة، ومتأثرة بظرف خارجي.

يمكن، باعتقادي، إدراج هذا الاعتناء المفاجيء بملف المرأة العمانية كرسالة، ضمن رسائل متعددة، للخارج يرسلها السلطان بأن عهداً ديموقراطياً قد بدأ في هذه السلطنة، عهداً يساوي المرأة بالرجل.
لكن، وكما أشرت مسبقاً، إن إطلاق رسائل لا يعني الشروع في تغيير حقيقي في أي مجال. التغيير يأتي بالعمل، لا بالحديث.

الأحد، 4 ديسمبر 2011

حول عيد وطني نسوي بعمان

حول عيد وطني نسوي بعمان


"يوم عظيم للمرأة في عُمان"


ربما هكذا أريد له أن يكون: يوماً عظيماً. لكن أيُ  عظمة؟

أدت نساء الشرطة السلطانية الاستعراض العسكري احتفالاً باليوم الوطني لهذه السنة. إنها المرة الأولى التي تثبت المرأة حضورها بشكل طاغٍ في حفل وطني. إنها، أيضًا، مفاجئة كبيرة على مستوى  السلطنة، بل وعلى مستوى الإقليم الذي يصنف  ضمن أكثر الأقاليم عالمياً تجاوزاً على المرأة وحقوقها.

قام السلطان -وليس السلطنة- بمفاجئة الجميع. 

لم تتضح ردة فعل المجتمع على وسائل الإعلام، لكن صخباً كبيراً نشأ في سبلة عمان، والحارة، والفيسبوك، وغيرها. صخب كبير يظهر استياءً لخروج المرأة عن طبيعتها الأنثوية، ورسالتها الأمومية، ووضعها الاجتماعي المعتاد، لتخرج لميادين الاحتفالات العسكرية.

لكن صوتاً مخالفاً، وإن كان ضئيلاً، اعتبر الحدث برمته انتصاراً من السُلطان للمرأة العمانية. بداية لحقبة جديدة تسود فيه المساواة بين المرأة والرجل في مختلف ميادين الحياة: المدنية والعسكرية.

 لم ينزل الحدث من علٍ على هؤلاء، بل سبقه إشهار فريق القفز الحر النسائي في الجيش السلطاني العُماني.
.

كان بالإمكان أن يكون العرض العسكري مختلطاً. لم كان الإصرار على جعله نسوياً؟ ما الرسالة؟ 
يمكن قراءة الرسالة بوضوح: إن السلطة العليا في السلطنة تدعم مسيرة المرأة. لكن إلى أي مدى؟

قامت السلطة العليا في السلطنة بدعم مواضيع شتى في العقود الأخيرة. تم الاحتفاء بقطاعات محددة فجعلت أعواماً وطنية: الشبيبة، التراث، الصناعة، الزراعة إلخ. بل احتفت السلطنة مؤخراً بمكافحة الفساد. ربما رأى البعض هذا النشاط  على أنه ديناميكية تنموية. لكن يمكن أن يُرى في ذلك مؤشر على غياب استراتيجية وطنية ثابتة: عشوائية وتخبط لا تقود لنتاج مثمر. يشهد على ذلك التعثر الذي مر به ملف مكافحة الفساد في السلطنة. 

لا يمكن، أيضًا، الاستشهاد بالحفل على دعم السلطان لمسيرة المرأة طالما أن ذلك الدعم لم يقد لتغيير في القوانين التي تحكم طبيعة علاقات وأدوار الجنسين في المجتمع. على سبيل المثال لا تمتلك المرأة في السلطنة الولاية على نفسها في شؤون الزواج والطلاق، بل يؤول ذلك لولي الأمر. إلا أن تغييراً في هذا المجال -القانون الصادر عام ٢٠١٠- نقل الولاية على المرأة من الولي المباشر إلى الولي العام في حالات خاصة. إذن، وفي جميع الأحوال، لا تمتلك المرأة -وإن كانت عسكرية- ولاية على نفسها في شؤون الزواج والطلاق.

في المقابل، يكتسب الحفل النسوي أهميته من ظرف آخر: إنها بداية لمرحلة جديدة في عمل أجهزة الدولة، بل ولعلها بداية جديدة ضمن الحراك الاجتماعي الذي شهدته السلطنة مؤخراً.

قرر السلطان أن يفاجيء الجميع. 
غير أن أي مفاجأة ليست إلا دهشة مؤقتة. فهل سينجح السلطان أن يطبع الدولة بطابعه؟ 


الأحد، 23 أكتوبر 2011

وفاة الغير مكترث بجنوح السفينة

وفاة الغير مكترث بجنوح السفينة


توفي أنيس منصور. 
أشارك الكثيرين عدم معرفة الرجل أو كتبه أو "فلسفته". قرأت نعي أنيس منصور على صفحات وسائل الإعلام، وكعادة الإعلام العربي تم وصف الراحل بألقاب متعددة، وأن وفاته حدث فادح للثقافة العربية المعاصرة.

يمكن الاتفاق أن الإعلام العربي يضفي هالات عديدة على أشخاص متعددين. لا يمكن الجزم أن هذه الهالات الإعلامية تصور بدقة هالات ثقافية أو فكرية كبيرة. 

تابعت لفترات متقطعة عمود أنيس منصور في صحيفة الشرق الأوسط. كان المقال نافذة لحياة واسعة غير معاشة في الواقع العربي. يسافر العمود يومياً إلى تأملات شخصية، ومدن بعيدة، وأسماء فلاسفة، وبعض المباديء العامة التي آمن بها هؤلاء. ترى وردة، أو كتاباً، أو كاتباً، أو طه حسين والعقاد. جمال، ودهشة، ولمحات خاطفة. هكذا كان العمود اليومي لمنصور. لم يتطرق الكاتب لما يشغل العرب في الوضع الراهن. لم يكتب في السياسة أو الأوضاع الاجتماعية المتفجرة. كانت عينيه تنظر للأفق المشرق أو الغارب.
إنها وفاة لرجل غير مكترث بجنوح السفينة.

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

حكاية ألف ليلة وليلة عن السلطان الصالح

حكاية ألف ليلة وليلة عن السلطان الصالح

شبيجل التاريخي العدد الثالث ٢٠١١
يوليانه فون ميتيلشتيت
الترجمة عن الإنجليزية حمد الغيثي


ربما ينبغي أن تحكى القصة مرتين. الأولى: حكاية دولة من قصص ألف ليلة وليلة بها شواطيء الأحلام، وأشجار البخور، وقائد حكيم يشبه حكماء الشرق القدامى. ملجأ سلام بين اليمن والسعودية وإيران. مثال لعصرنة ناجحة دون طغيان أو إرهاب أو جنون عظمة. لكن القصة الثانية تحكي عن أقدم زعيم عربي في السلطة بعد معمر القذافي، الذي يحتوي نظامه ممارسات قليلة يمكن وصفها بالديموقراطية: إعاقة تأسيس  نقابات العمال، حظر تكوين الأحزاب كما هو حال كلمة “إصلاح” التي منعت من التداول حديثاً.

كلا القصتان تدوران حول ذات الدولة: سلطنة عمان. الرحلة إلى داخل “عمان السعيدة” تبدأ من المطار إلى مسقط العاصمة. مر التاكسي بمحاذاة مراكز تسوق، ومناطق سكنية راقية، وفنادق غالية، والمسجد الذي بناه السلطان لشعبه، الذي أرضيته مكيفة، وبه أكبر سجادة فارسية في العالم.

الدولة المُزارة هي إحدى أقل الدول العربية قمعاً. يحكمها السلطان قابوس بن سعيد، وهو رجلٌ يعزف العود، وشخص محترم من قبل عامة الشعب. لا يسمح السلطان بتعذيب السجناء، أو باضطهاد الأقليات، أو بتمويل الجماعات الإسلامية، ولا يشن حروباً أهلية.

بدلاً من ذلك، يسمح بحرية المعتقد في الدولة، ويدعم النساء. شهد برنامج الأمم المتحدة للتنمية عام ٢٠١٠م للسلطنة أنها حققت أكبر قفزة تنمية في العالم أثناء الأربعين سنة من حكم السلطان.

كردة فعل على الاحتجاجات التي حدثت في السلطنة، رفع السلطان حجم المعونات والضمانات الاجتماعية، والحد الأدنى للأجور، ووعد بتوفير ٥٠ ألف وظيفة، وأقال ١٢ وزيراً، وشكل لجنة لتقديم مقترحات لدستور جديد.

التاكسي توقف أمام فيلا بيضاء، حيانا أحمد بن سلطان الحوسني في الداخل، هو رجل أعمال وسياسي، لكن الأهم من ذلك أنه ينتمي لأحد أهم العائلات تأثيراً في السلطنة. قاد الضيوف لمكتب به أريكة بيضاء. كان الحوسني مديراً لمراسم السلطان، ويشغل حالياً عضوية مجلس الدولة المعين أعضاءه من قبل السلطان، وهو أيضًا رئيس شركة الكروم العمانية.

الحوسني ينتمي لـ ٢٪ من السكان الذين عاصروا عهد السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان قابوس. في تلك الأيام القديمة، كانت هناك ٣ مدارس عامة، ١٠ كيلومترات من الطرقات، ولم يوجد كهرباء أو مطار، قال الحوسني. أضاف أيضًا: منعنا من السفر للدول الأجنبية، ومن أراد اقتناء سيارة أو بناء بيت احتاج لإذن شخصي من السلطان سعيد بن تيمور.

كان عمر الحوسني ١٨ سنة لما أطاح السلطان قابوس بوالده في ١٩٧٠م. لعب الحوسنيون دوراً مهماً في هذا الانقلاب: كونوا حراس القصر السلطاني في صلالة حيث كانت تقطن العائلة الحاكمة حينها، وعندما حانت الساعة رفعوا أسلحتهم ضد السلطان العجوز.

الولاء للسلطان كان مربحاً. أحمد بن سلطان الحوسني لم يدرس في مدرسة خلال سني حياته الثمانية عشرة، لكن بعد ١٩٧٠م أرسله السلطان إلى بريطانيا العظمى حيث تم تدريسه من قبل معلم السلطان. بعد ذلك عمل الحوسني في البلاط السلطاني، وكون ثروة من خلال أعمال المقاولات والخدمات العامة المتنوعة.

“عشنا بالماضي حرفياً في ظلام، بسبب عدم توفر الكهرباء” قال الحوسني. “بعد ذلك أتى قابوس وأتى الضياء”. الحاكم الجديد بنى خطوط الكهرباء، مهد الشوارع حتى للقرى النائية، أتت محطات تحلية المياه، والمستشفيات، والمدارس. تم إضاءة كل شيء من عوائد النفط الذي عثر عليه منتصف الستينات.

على طاولة الحوسني صورة للسلطان الشاب في الكاكي العسكري. في أيام السبعينات، أنهى قابوس تمرداً في ظفار بمساعدة البريطانيين، وظفار مقاطعة حدودية مع اليمن. منذ تلك الأيام، غدت عمان جزيرة آمنة في المنطقة العربية، وبرعت في فن التحالف مع إيران، والولايات المتحدة، وبريطانيا في آن واحد.

لمحة على تلك الصورة كافية، يقول الحوسني، للتعريف بالخطر الذي تهدد الدولة بدون السلطان قابوس: انهيار في الشمال، والجنوب، وعلى الساحل، وفي الداخل، باختصار عمان يمنية.

ولده خالد أحمد الحوسني يرى شيئاً مختلفاً في صورة قابوس: سلطان يحكم البلاد منذ أن أبصر النور، منذ أربعين سنة. الحوسني الابن معجب  بالسلطان لكنه ينتقد سياسة السلطان الاقتصادية. الحوسني الابن: عمان دولة ريعية مازالت تعتمد على عوائد النفط والغاز، رغم أن احتياطيات النفط آيلة للنضوب خلال ١٨ سنة. تفتقر السلطنة لوظائف مؤهلة، لذلك هناك تذمر كبير وسط شريحة الشباب،- فـ ٥١٪ من ٢.٩ مليون هو تعداد السكان هم أقل من ٢٥ سنة. 

في الحين الذي صارت فيه دبي منصة عالمية، يعتقد كثير من الناس أن عمان جزيرة صغيرة في المحيط الهندي، رغم أن عمان بحجم إيطاليا، وتتحكم في طرق الملاحة الاستراتيجية بمضيق هرمز، وهي دولة ضمت يوماً ما مستعمرات من ممباسا حتى جوادر.

على افتراض أن السلطان يرمي لإنشاء ملكية دستورية تدريجياً، هذا ما يردده أتباعه، فهل تصير عمان مثال على حاكم يتنازل عن جزء من سلطته بإرادته الحرة وبسلام؟

يعرف خالد الحريبي طريقه جيداً في اتخاذ الخطوات الصغيرة. أسس أول مؤسسة غير حكومية في عُمان تستحق هذا المسمى. كل المؤسسات تخضع لتحكم وزارة التنمية الاجتماعية. لكن الحريبي قام بتسجل مؤسسته “تواصل” كشركة تجارية تمارس نشاطاً استشارياً.

تنظم تواصل لقاءات حول حقوق الإنسان والإعلام، وتقدم استشارات للنساء الآتي يرغبن بالترشح لعضوية مجلس الشورى: مجلس ذو صلاحيات استشارية بحتة. يرغب الحريبي ببطء ببناء مجتمع مدني في حدود النظام المتاح. “نحاول الامتناع عن تناول المواضيع الحساسة، ونتجنب المجابهة” شارحاً استراتيجيته.

يلبس الحريبي دشداشة بيضاء وكمة مطرزة مثل أغلب الرجال في عمان،  وفوق ذلك عمامة ملفوفة حول رأسه. بيد أنه يتكلم الإنجليزية بلكنة أمريكية. درس العلوم السياسية في فريجينيا الغربية، وهو تخصص لا يدرس في بلده. “تتخوف الحكومة من تحول مؤسسات كتواصل لأحزاب سياسية”.

يؤمن الحريبي أن السلطان يريد للبلد أن تنفتح لكنه أيضًا يرى مخاطر قائمة وراء ذلك.”هذا هو الدافع وراء رغبته بإحداث تغيير تدريجي على مدى عقود وليس بشكل ارتجالي”. الأمن والاستقرار هو السبب الأهم وراء تلك الرؤية لدى قابوس كما يراه الحريبي. “يجب أن نقنعه بإحداث إصلاحات خطوة بخطوة”. الكثير من المتظاهرين الشباب يعتقدون أن التغيير يمكن أن يأتي فقط من خلال الضغط كما في تونس، ومصر. “لكن هل هناك تلك الحشود التي يمكن أن تخرج للشارع في عمان؟” يهز الحريبي رأسه. “لا، الكثير من العمانيين مايزالون يبجلون السلطان، وأنا أحدهم.”

“القصة الأخرى” لعمان تبدأ برحلة في خصب، المدينة الشمالية النائية حيث تبعد إيران حوالي ٥٠ كيلومتر. رحب بنا بشكل مهذب رجل بملابس رسمية في محطة الشرطة، قال أن عنده بعض الأسئلة. قدم نفسه على أنه عضو في الاستخبارات الداخلية CID. “لا تسيؤوا فهمي” قال الرجل. “هذا ليس قسم شرطة، بل فقط مكان أكلمكم فيه كما يكلم أخاً أخته”.

تستاء السلطات العمانية من التقارير الصحفية التي تغطي المهربين الإيرانيين الذين يهربون الملابس، والعصائر، وصحون الاستقبال الفضائية عبر مضيق هرمز لداخل إيران كل يوم. لكن لم يصرح الرجل عن ذلك مباشرة، قال: “لا تتحدثوا إلى الفقراء الأغبياء في الشوارع. سيخبرونكم أشياءً مغلوطة”. بكل تأكيد ذلك لم يكن أمراً، بل نصيحة. بل ربما رغب في نصحنا بمغادرة السلطنة بأسرع ما يمكن.

بعد ساعتين انتهت المسائلة. كان تحذير مشابه لما استلمه كثيرون خلال تلك الأسابيع في البلد: صحافيون، ومتظاهرون، وأعضاء مجلس شورى. الاستخبارات المحلية تعمل دون لفت الانتباه. عادة يلمح أثرهم فقط عندما لا تعمل محتويات على موقع يوتيوب، أو تحجب مواقع إنترنتية بشكل مفاجيء.

تعتبر “عمان الأخرى” هذه إضافة للعربية السعودية أقل الدول ديموقراطية في كامل المنطقة. لاتوجد غالباً إمكانية للمشاركة في الحكم. البلد محكومة بمراسيم الحاكم الذي يمثل كل شيء في وقت واحد: وزير الخارجية، الدفاع، المالية، إضافة لرئيس الوزراء، ورئيس البنك المركزي. السلطان يدعم كراسي أكاديمية للحوار والسلام، لكن لا توجد دولة في العالم تضاهي السلطنة في الإنفاق على التسليح والجيش نسبة لدخلها القومي.

في منتصف يناير، نزل أول المتظاهرين إلى الشارع. امرأة تشغل رئاسة تحرير إحدى المؤسسات الإعلامية قالت أن أحدهم اتصل بها وحذرها قبيل المظاهرة من بث تقارير أو أخبار عن المظاهرة. تغير ذلك بعد ٢٨ فبراير حينما نشرت الصحف أولى صور المتظاهرين. منذ ذلك الوقت، الشباب يعتصمون، العمال بدؤوا بالتظاهر بشكل عنيف، وفي صلالة -عاصمة محافظة ظفار- سمعت نواقيس الثورة: أراد الناس إسقاط النظام.

الرحلة في عمان هذه، تقود من خصب لصحار حيث شهدت أكبر المظاهرات وأعنفها، رغم أن “أكبر وأعنف” يعني شيئاً مختلفاً في عمان عنه في سوريا، مصر، البحرين.

في نهاية فبراير، ذهب د. عبدالغفار الشيزاوي، أستاذ اللغة العربية، لدوار الكرة الأرضية في صحار حيث تجمع حوالي ٣٠٠٠ متظاهر. أراد الشيزاوي تهدئة المتظاهرين وتجميع مطالبهم التي وصلت لـ ٣٨ مطلب. الكثير من المال، الكثير من الحرية، القليل من الفساد- كانت مطالب المتظاهرين من الرباط حتى صنعاء. إلتقى الشيزاوي بعدها عضو مجلس الشورى الذي وعد بإيصال قائمة المطالب للجهات المختصة.

بعد شهر واحد، وقف رجال الشرطة في الثالثة فجراً أمام باب منزل الشيزاوي. ضربوه وركلوه، ثم وضعوا كيساً على رأسه وأخذوه معهم. بعض مئات من المتظاهرين تعرضوا لأمر شبيه تلك الليلة. تم اعتقالهم ومسائلتهم لمدة ١٣ يوماً. بعد ذلك، تم إطلاق سراحهم.

بعد أسبوعين لاحقين، اتهم الشيزاوي مع ٢٦ آخرين بإشعال النيران والسلب، والتحريض على العنف. كان مهدداً بالحبس ٧ سنوات. “ربما ما سيحدث يشبه ما ألفناه في الماضي، يتم الحكم علينا بمدة طويلة في الجرائم المتهمين بها لإخافتنا، ثم بعد فترة قصيرة يصدر السلطان مكرمة بعفو سامي”.

قضى الشيزاوي -٥١ سنة- سابقاً ١٨ شهراً في السجن لأنه طالب بدستور. يطالب بإصلاحات لا تدعو للإطاحة بالسلطان، لكن انتقاده يتوجه بشكل متزايد للسلطان نفسه. “والحكومة الآن كانت ردة فعلها أعنف”.

باسمة الراجحي -٣٣ سنة- جربت ما يعني ذلك. تعمل مذيعة راديو وهي عضو مؤسس للجمعية العمانية للإصلاح. في الأسبوع الثاني من إبريل أوقف رجال أمن مقنعون سيارتها. سحبوها والناشط سعيد الهاشمي في باص، ثم قادوهم في الصحراء: ضربوهم، وركلوهم بالأرجل. “لو استمررتم بطريقكم الحالي سنقتلكم” حاول رجال الأمن إخافتهما. ثم اختفوا.

تزحزح اثنان من عظام رقبة الهاشمي. وتعرضت الراجحية لكدمات في أنحاء جسمها، لكن أهم ما تم الإضرار به هو اعتقاد واحد: أن عمان دولة لا يملك شعبها أسباباً للخوف من الشرطة.

“عادة لا يتعرض المرء للتخويف والإكراه بشكل مباشر” قالت الراجحية، “يحدث ذلك بطريقة ناعمة: يضغطون على عائلتك وأصدقائك وقبيلتك كي يقنعوتك بالتخلي عن الانتقاد”. صولجان السلطان الحديدي مكون من التناغم والوحدة. النقد الموجه ضده مكبوت بشدة. والإعلام ينقل تقارير مكثفة -أكثر من ذي قبل- عن الأعمال المجيدة للسلطان.

حسين العبري -٣٨ سنة- مؤلف وطبيب نفسي. يبدو العبري وكأنه خبير بالروح العمانية، وفي هذه اللحظة، يقول العبري، إن هذه الروح مضطربة. الكثير من العمانيين، بناءً على العبري، غير متيقنين بسبب التظاهرات وأيضًا بسبب ردة فعل النظام.

هل يستطيع العبري إجابة السؤال التالي: لم كانت المظاهرات في عمان أخف كثيراً مقارنة ببقية الدول العربية؟

هو لا يعرف الإجابة الصحيحة، يعترف الطبيب النفسي. ربما يعود ذلك لكون المرء لم يعتد على الحديث عن السياسة بشكل علني. “الكثير من الناس كأنهم منومون مغناطيسياً، يرون السلطان أباً، ولا يملكون الشجاعة للثورة عليه”.

لكن الناس، يقول العبري، يغلون في داخلهم. يلاحظ الناس أن ما يستلمونه من ثروة بلدهم يتناقص بشكل مستمر، ولا يملكون تأثيراً لتغيير ذلك، في حين أن الكثير من الأمور العامة تبقى في طي الكتمان عنهم.

مجهولة طريقة اتخاذ القرارات السياسية، أو مقدار الثروة التي ينفقها السلطان والعائلة المالكة بناء على العبري. كان يتم تقدير أعداد مدمني الكحول والمخدرات والمتوفين في الحوادث وضحايا الجرائم، فحتى سنوات قليلة ماضية كان الحديث عن هذه المواضيع تابو تام، وفقاً للعبري.

لكن أكبر مجهول هو السلطان نفسه. يخاطب شعبه مرة واحدة في السنة، أما في بقية السنة فإنه يلقي بنظرة على صفحة التعليقات في “تايمز أوف عمان”. تطبع يومياً فقرات من خطاباته. يوصف السلطان عادة أنه قريب من شعبه، لأنه يقود سيارته ببهرجة في أنحاء الدولة شتاءً ليلتقي رعاياه. “تلك مسرحية” يقول العبري، “يتم انتقاء المشاركين بعناية كبيرة، ويتم إخبارهم بالمسموح والممنوع قوله”.

باستنثاء ذلك، يقيم السلطان في أحد قصوره، أو في يخته، ثالث أكبر يخوت العالم. إنه لا يضع أساسات مشاريع جديدة، ولا يفتتح مدارس جديدة، ولا يمنح أوسمة، ولا يمارس أي شيء مما ينتمي عادة لواجبات الملك. حتى الآن، بقى صامتاً تجاه المظاهرات.

هل يستطيع نظام سلطوي عقب ذلك أن يبقى جيداً للشعب إذا كان الحاكم في صميمه جيداً؟ السلطان بكل تأكيد رجل حكيم، يقول العبري مبتسماً. لكنه غالباً يستخدم حكمته بنشاط في سبيل مصلحته الخاصة، بناء على العبري. تبنى الأوبرا كمثال بـ ١.٨ مليار يورو. “لكن الناس تقلقهم أمور أخرى غير الموسيقى الكلاسيكية”.

يتم تغريم من لا يغسل سيارته أو يرمي نفاياته. “في المقابل لا يتم ملاحقة فساد الحكومة رغم وجود أدلة على أن وزراء ومستشاري السلطان يغنون أنفسهم من مواقعهم”.

بناء على ما سبق ذكره، فإن حكاية ألف ليلة وليلة عن السلطان الصالح تبقى بإصرار. يعود ذلك لحقيقة وجود ماكنة إعلامية مدربة تلمع صورته العامة كما يحكي العبري. والإعلام المحلي يمدح بإصرار إنجازات السلطان، وكرمه، وحكمته.

“لكن هل نعرف بصدق إن كان السلطان كريماً حقاً؟” يتأمل العبري. “عندي شكوك حول ذلك. يقول البعض أن السلطان لا يعرف عن الفاقة والفساد في دولته. لكن كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أعتقد أنه يعرف كل شيء”.

أصدر العبري ٤ روايات، منعت واحدة من التوزيع في عُمان. تتحدث الرواية عن تجربة شخص يصارع مع مؤسسات نظام شمولي، تبدو أحداث الرواية وكأنها تقع في عمان. “لم أخبر أبداً أن كتابي ممنوع من التداول. لكن لم يتم توزيعه في البلاد. تلك هي الطريقة عموماً”.

بعد ٣ ساعات من الحديث، يتكيء العبري للخلف متسائلاً هل هناك أسئلة أخرى؟

نعم، سؤال واحد أخير: ما هو موقفك الشخصي تجاه قابوس؟ ضحك العبري. “أنا عماني. أنا أيضًا مع ذلك أرى السلطان أباً”.

الأربعاء، 31 أغسطس 2011

عيد سعيد، وماذا بعد؟

عيد سعيد، وماذا بعد؟
 يقولون لي ما أنت في كل بلدة، وما تبتغي؟ 
ما أبتغي جل أن يُسمى
المتنبي

هذا هو اليوم الأول لعيد الفطر في عُمان. مبارك لكم يوم العيد.

العيد مناسبة ثابتة في التقوم الهجري، كأعياد أخرى تنعاد كل سنة. ومع مرور السنين ربما يظهر تساؤل لدى البعض حول الفرق أو وجه الاختلاف بين هذه الأعياد المتكررة في حياة الإنسان.

التساؤل لا يدور حول المناسبة، ولكن حول اختلاف حال الإنسان. ما الذي تغير؟ وماذا اكتسب؟ وماذا فقد؟

هذه التساؤلات ظهرت أمامي هذا اليوم، وأنا أستذكر حواراً مع صديق. رأى الصديق أن الإنسان الفرد ليس معنياً بتحقيق كل أحلامه وآماله، وإنما يستطيع تمرير كل تلك الآمال إلى عائلته الصغيرة: إلى الأطفال والجيل الناشيء. أجبته أنه يعلن استسلامه مبكراً، وهو مازال غضاً!

بسبب التعداد الكبير لبني الإنسان، يمكن التساؤل عن مدى أهمية الفرد بالنسبة للحياة البشرية بشكل عام. لمَ يكون بعض الأفراد مهمين وغيرهم لا يكونون؟ لم يأثر بعض الأفراد في حياة الآخرين، ولا يفعل الآخرون ذلك؟ 

يساهم بعض الأفراد في الدفع بالحضارة الإنسانية للأمام. مساهماتهم تكون في الجوانب العلمية أو التجارية .. أو حتى الحياة العامة. يتذكر الناس هؤلاء الأفراد لفترات طويلة. 

هؤلاء الأفراد المتميزين والمؤثرين لا تمر الأيام عليهم متشابهة. إنهم يصنعون الفرق، فتفترق الأيام تبعاً لذلك.

السبت، 27 أغسطس 2011

حديث الخليج" وحديث الإصلاح في عُمان"

"حديث الخليج" وحديث الإصلاح في عُمان



يستضيف سليمان الهتلان في برنامجه "حديث الخليج" سعيد الهاشمي، وهو ناشط عماني في الشأن العام. تناقش الحلقة الوضع العام في السلطنة عقب أحداث فبراير ومسيرة الإصلاح في السلطنة.

القضاء العُماني يسعى لإسكات صحيفة قبل انعقاد محاكمة صحفي

القضاء العُماني يسعى لإسكات صحيفة قبل انعقاد محاكمة صحفي


نقلاً عن مدونة سالم آل تويه
نيويورك، 25 آب/أغسطس 2011 - قالت لجنة حماية الصحفيين اليوم إنه ينبغي إسقاط الاتهامات فورا ضد الصحفي والمخرج العماني البارز يوسف الحاج. وقد بدأت محاكمة يوسف الحاج في 14 آب/أغسطس بسبب مقال كتبه، ويُزعم أنه اتهم فيه وزارة العدل بالفساد، وقد تم تأجيل المحاكمة حتى يوم الأحد. ووجه القاضي في الجلسة التي عقدت في 14 آب/أغسطس أمراً لصحيفة 'الزمن' التي نشرت مقال الحاج بأن تمتنع عن نشر أية تفاصيل حول القضية، حسبما أفاد ناشطون محليون في مجال حقوق الإنسان للجنة حماية الصحفيين.

وقد مثل يوسف الحاج ورئيس تحرير صحيفة 'الزمن'، إبراهيم المعمري، أمام المحكمة لفترة وجيزة. أما التهمة الموجهة إلى المعمري فهي توظيف الحاج دون ترخيص. وبعد أن تحدث محامي الدفاع، كرر الادعاء العام طلبه بإغلاق الصحيفة كما طالب بعدم السماح لصحيفة 'الزمن' بنشر أية مقالات أو تفاصيل حول القضية، حسبما أفاد ناشطون محليون في مجال حقوق الإنسان. وقد أجل القاضي النظر في طلب إغلاق الصحيفة.

وقال روبرت ماهوني، نائب مدير لجنة حماية الصحفيين، "نحن نطالب السلطات العمانية بإسقاط جميع الاتهامات ضد يوسف الحاج وأن تسمح لصحيفة 'الزمن' أن تنشر بحرية. إن هذه الملاحقة الجنائية تمثل تراجعاً خطيراً في حرية الصحافة في عُمان وتثير شواغل بشأن قدرة الصحفيين الناقدين على القيام بعملهم".

ويجري التحقيق مع يوسف الحاج بسبب مقال كتبه في صحيفة 'الزمن' زعم فيه أن وزير العدل ووكيل الوزارة رفضا منح ترقية مالية ووظيفية لهارون المقيبلي، وهو موظف مدني منذ فترة طويلة، حسبما أورد نشطاء محليون في مجال حقوق الإنسان. ويواجه الحاج اتهامات "بإهانة وزير العدل العماني ووكيل الوزارة"، و "إحداث الشقاق في المجتمع"، و "الإساءة للقضاء العماني"، و "انتهاك قانون المطبوعات والنشر"، و "مزاولة مهنة دون ترخيص من وزارة الإعلام"، وذلك وفقاً للمراجعة التي أجرتها لجنة حماية الصحفيين للوثائق التي نشرتها السلطات العمانية. وقد تم منع الحاج عن الكتابة منذ 8 تموز/يوليو.

http://cpj.org/ar/2011/08/017778.php

الثلاثاء، 26 يوليو 2011

هل فقدت عمان رغبتها في الإستقلال ؟

هل فقدت عمان رغبتها في الإستقلال ؟

ينشر أحد أعضاء موقع الحارة العمانية مقالاً يناقش فيه بعض التطورات السياسية في الخليج العربي، وانعكاس ذلك على سلطنة عمان. تحوي صفحة المقال في موقع الحارة العمانية على تعليقات جدية تمثل وجهات نظر متعددة.

((وستستمر السعودية في ممارسة طموحاتها بالدفع نحو نوع من الوحدة أو الكونفيديرالية الخليجية بزعامتها، من دون اليمن. أو أضعف الإيمان نحو زعامة دول مجلس التعاون الخليجي، ليكون لها دور الشريك والمسيطر. فوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، تعني عمليا ((السعودية الكبرى)) ذات النفط والمال والسلاح. وستجد هذه الطموحات معارضة من داخل مجلس التعاون، الذي ستكون على رأسه سلطنة عمان))
الريس - رياح السموم - ص141

كانت أطماع السعودية في قيادة
منظومة دول الخليج وضمها تحت جلباب المال والسياسية تقف أمامها عثرة اسمها سلطنة عمان. فقد كانت عمان تمارس استقلاليتها في منظومة التعاون بشكل مطلق ولم ترضخ قط لقرار الأغلبية ما لم تكن مقتنعة به وترى فيه مصلحتها و المصلحة العليا لدول المجلس. هذه الاستقلالية لم تأت من فراغ، فعمان مارست استقلاليتها في الأغلب الأعم من تاريخها الزاخر بمحاولات الاحتلال والسيطرة الخارجية التي لم تفلح إلا في أزمان متباعدة ومناطق متفرقة دون السيطرة على عمان بأكملها. كان هذا التاريخ الغني بشتى قصص البطولة رصيدا معنويا وصمام أمان لكل من يحكم عمان، بل ومسؤولية أخلاقية مفادها أن تبقى عمان واستقلاليتها فوق كل اعتبار وفوق كل المصالح الفردية.
نماذج استقلال عمان الحديثة – أي عمان ما بعد السبعين – كثيرة، ونماذج مبادراتها العربية والخليجية أكثر. فعمان على الرغم من محدودية مواردها لم تنظر إلى ما تملكه من مال بل إلى ما تملكه من تاريخ وحضارة سياسية تفوق ما بدول الخليج بكثير. وكان هذا هو ما يحرك في داخلها القدرة على اتخاذ قرارات بشكل منفرد أو رفض القرارات الجامعة التي تكون فيها دلالة الرضوخ للهيمنة السعودية أو غيرها واضحة. من الأمثلة الجديرة بالذكر هو المشروع العماني لإنشاء منظومة عسكرية أمنية موحدة ورادعة بدلا من قوات درع الجزيرة الغير فاعلة، وسبب هذه المبادرة – أو سبب انقداحها بشكل أدق – هو أنه عندما دخلت قوات صدام حسين الكويت وهروب أمرائها منها، قامت عمانالتزاما بقرارات المجلس السابقة– بتحريك كتيبة كاملة في الرابع من أغسطس إلى حفر الباطن، ولكن الكتيبة وجدت نفسها وحيدة في تلك الصحراء، لأن دول الخليج الأخرى لم تحرك أيا من قواتها، بل لم تحرك جندي واحد من جنودها للدفاع عن أحد دوله المحتلة!

وفي قمة بغداد عام 1979 هددت العراق وتوعدت دول مجلس التعاون وألزمتها باتخاذ موقف العراق من مصر عشية توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ووقفت دول الخليج كلها مع العراق – القوية المسيطرة آنذاك – مع طرد مصر من منظومة جامعة الدول العربية، ماعدا عمان التي رفضت هذا القرار لاعتبارات سياسية لا علاقة لها بالاتفاقية المصرية الإسرائيلية. وفي المقابل فقد كان موقف عمان على النقيض من موقف دول الخليج فيما بعد حرب الخليج وخروج العراق خاسرا، فقد بقي السفير العراقي في عمان ممثلا عن العراق بينما طرد أقرانه من دول الخليج كافة، إذ لم ترى عمان أية إشكالية في إبقاء التواصل مستمرا مادام هذا التواصل قد يحقق مصلحة على المدى البعيد أكبر من مصلحة الإنتصار للذات الذي كانت تمارسه الكويت وتحاول فرضه على دول الخليج الأخرى.

النماذج على استقلالية عمان لم تقتصر على المواقف السياسية فحسب، ولكنها تجسدت أيضا في الجانب الإقتصادي كذلك، ذلك لأن أي انجرار في لقمة العيش قد يتبعه رضوخ وتنازل في المواقف السياسية. ولهذا رفضت عمان بشكل قاطع أي مساعدات من دول الخليج بعدما ضربت أمواج إعصار جونو جزءا كبيرا من بنيتها التحتية، وقامت بكل عزة وأنفة بإعادة بناء ما خلفه الإعصار بخطى بطيئة وواثقة. هذا ناهيك عن موقف عمان الواضح منذ البداية من العملة الخليجية الموحدة على الرغم من كل الضغوط التي مورست عليها وزاريا وإعلاميا.

ولكن ما الذي حصل مؤخرا ؟ هل فقدت عمان القدرة على الاستقلال ؟

لست من أولئك الذين يستعجلون الحكم على ظواهر الأمور، ولكن هذه الظواهر في بعض الأحيان تستدعي منا التوقف لوهلة، للنظر في دلالاتها ومعانيها وما قد تحمله لنا في المستبقل. أشير هنا إلى موقفين أثارا انتباهي، أولهما قبول عمان للمنحة المالية المقدمة من السعودية والإمارات (الأولى ذات الأطماع التاريخية والثانية ذات المواقف المريبة اتجاه استقرار عمان) لتحريك الإقتصاد وخلق فرص عمل للعمانيين خلال السنوات الخمس القادمة. أما الثاني فموقف عمان الصامت من الحراك السعودي الفج لضم المغرب والأردن لمنظومة دول مجلس التعاون على الرغم من أنف دول الخليج الخمسة الأخرى!

أما الأولى فخطورته أن يكون الرضوخ الخارجي أتى بسبب خلخلة في الداخل وعدم ثقة النظام في قدرته على ربط الأمور وإعادتها إلى نصابها بغير هذه الحزمة، ولذلك أبدى استعدادا لقبول أي شيء مقابل الاستقرار. وأما الثاني فخطورته أننا تعودنا أن يكون صوت عمان واضحا في المجلس، على الأقل في تحديد المواقف، وهذا الصمت على القرار السعودي إما أن يكون رضوخا للسعودية ونتيجة مباشرة لخلخلة الداخل أو أن يكون توافقا سلطانيا-ملكيا على أن التكتل هو أنسب الطرق لحماية آخر الملكيات العربية، وبالتالي هو إعتراف بضعف هذه الأنظمة داخليا خاصة بعد تغير الموقف الغربي اتجاهها ووقوفها بشكل قاطع مع الشعوب بدلا من الأنظمة.

إن كانت هذه مواقف استثنائية ومنفصلة لا علاقة لها بعدم القدرة على الاستقلال فلا بأس، ولا إشكالية في التذكير ببعض المواقف العمانية المشرفة والتي جاءت في سياق المقال. أما إن كانت إرهاصات خلخلة عمانية فأقول لكل من يحكم عمان: كانت عمان مستقلة في الأغلب الأعم من تاريخها، فلا تضيعوها الآن، فقوة عمان في حضارتها وتاريخها وشعبها، لا في الشخص أو القالب الذي يحكمها. فإن كانت هناك بوادر ضعف داخلي فالحل لا يكون باللجوء إلى الخارج – وقد سمعنا ما حل بعمان عندما أستعين بالخارج في الخمسينيات – بل الحل في الرجوع إلى الداخل والاستماع بكل صدق إلى المطالبات التي لا تتعدى في جوهرها مطالبات بالعدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

الاثنين، 20 يونيو 2011

عمان الجديدة

عمان الجديدة

لعُمان الجديدة أو المتجددة وجوهٌ عدة. يظهر هذا الفيديو أحدها.

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

نعي رجل، نعي مازن الطائي

نعي رجل، نعي مازن الطائي

من موقع الحارة العُمانية أنشرُ هذا النعي بكل الأسى والحزن:
"إلى الجيل العماني الحاضر الذي يحني رأسه للمأساة، مأساة الشعب العربي في عمان، فيعيش في عزة نفسيته وذل واقعيته سواء كان داخل الوطن او المهاجر التي آوتنا. إلى الشباب العماني الذي جارت عليه المتردية والنطيحة وما أكل السبع فقاوم هذا الجور بالكفاح في سبيل العيش والصمود من أجل الكرامة. أقدم هذه القصة سجلا للحاضر المظلم ودعوة للمستقبل المشرق، مستقبل عمان كجزء لا يتجزأ من الوطن العربي الأكبر.
مقدمة "ملائكة الجبل الاخضر"


في مساء هذا اليوم، انتقل إلى ذمة الله مازن بن عبدالله الطائي. كان الفقيد مهندساً، ومترجماً، وقارئاً، وكاتباً ورقياً، وكاتباً إلكترونياً في هذه الحارة باسم النسر. في كل مساحة سيفقده الكثير.
ننشر هذا النعي ولايزال مزيج من الذهول والإنكار يتلبسُنا حيال الخبر. أصحيح أم مغالطة هو؟ أحقيقة أم خيال؟ قضاء الله أم قدره؟ يولد ناس ويموت ناس. وبين الحياتين، لا ننعي صديقاً أحببناه، ولكننا ننعي رجلاً سنفتقده.
فقط.. عبر الكلمات، عبر الكلمات الضوئية، وعلى مدى أربع سنين، استطاع النسر أن يطرح الأسئلة في بلد لا تطرح فيه الأسئلة، ولا توجد فيه أجوبة. على مدار تلك المدة الزمنية قرأه الكثير، وتسائل معه الكثيرون عن أحوال البلد والناس منذ ما يزيد على أربعين عاماً.
رُسمَت أسئلة متنوعة، وبدا أن أجوبة بدأت تستنبط. ظهرت كتب متعددة تحمل أجوبة محتملة لأسئلة غير محتملة. نشر مؤخراً كتابه الشخصي الأول وبصمته الأكثر خصوصية "عادا إلى رشدهما"، سارداً إضاءات حول عملية الخصخصة، وطرق توزيع الحصص العامة على الخاصة. و حظر كتاب قديم أصدره الفقيد حديثاً بعنوان "تاريخ عمان السياسي" للطائي. وللطائي أعاد الفقيد نشر "ملائكة الجبل الأخضر"، و"المغلغل".
عبدالله الطائي ذلك الرائد الذي جازته بلده بالجفاء، وكاد أن ينسيه الجيل الشاب -ضمن أشياء كان لابد من نسيانها- عاد للحياة بفضل القلم الإلكتروني للفقيد. اتصلت حلقة من معجبين جدد بقدامى محتفين بأدب الطائي في أماسي خلت، وأمسية قريبة قادمة بالنادي الثقافي. روايات، ومسرح، وقصص، وأحاديث إذاعية، وفكر، وثقافة عن عمان أخرجها الفقيد من جعبة الطائي الأول للناس.
ورغم اختلاف فصول السنة، وتكاثر حديث الناس عن النسبية، إلا أن الفقيد لم يكن نسبياً في الأمور الكبرى. كان ثابتاً كنسر فوق قمة شماء. رؤيته الواضحة وبحثه الدؤوب ونشره المتواصل رسمت رؤية أخرى لما حصل في الماضي، في ماضي عمان: ماضي كل عماني. قرأنا معاً أسرار مؤامرات حيكت في البلاط العماني، ونفوذاً بريطانياً في أرض عمانية، ومصالحاً متضاربة، أشخاصاً فاعلين، وأشخاصاً فُعِل بهم، وأرض تختلف فيها الفصول، وينسى ناسها ما حصل بالماضي لأن الحديث عنه لم يعد مباحاً. كان ثابتاً كنسر أو جبل. بوصلته لم تنحرف. لم تشر للشمال يوماً. وأياً كان تيم لندن وبوز آلن، أمواطناً عمانياً أم إنجليزياً قحاً، فلربما لن يترحم عليه مواطن عماني، ولربما يرى هذا "بن مرهي". انتقل إلى ذمة الله قبل أن يبلغ تمامه، أو قبل أن نبلغ تمامناً.
قال الفقيد مراراً:
سأعيش رغم الداء و الأعداء *** كالنسر فوق القمة الشماء
أرنو إلى الشمس المضيئة هازئا *** بالسحب و الأمطار و الأنواء
لا أرمق الظل الكئيب ولا أرى *** ما في قرار الهوة السوداء
"أبو القاسم الشابي"
ونردد اليوم -وبعده- مراراً:
عم صباحا أيها النسر المجنح
عم صباحا
سنة تمضي، وأخرى سوف تأتي
فمتى يقبل موتي
قبل أن أصبح ـ مثل النسر ـ
نسراً مستباحا!؟
أمل دنقل
-بتصرف عن حشر المنذري-

تعقيب على قانون الإجراءات الجزائية

تعقيب على قانون الإجراءات الجزائية
عقب هلال السعيدي على تعديل قانون الإجراءات الجزائية التي تمت الإشارة إليه مسبقاً في صفحة احتجاجات صحار على موقع فيسبوك كالتالي -بتصرف -: 


نشر موقع وزارة الشئون القانونية على الإنترنت التعديلات الجديدة على قانون الإجراءات الجزائية ! الحبس على ذمة التحقيق يكون لمدة 15 يوماً في الجرائم الواقعة على أمن الدولة، والجرائم الواردة في قانون مكافحة الإرهاب! وتمد المدة لمرة واحدة فقط بناء على تخويل من الإدعاء العام. صفة الضبطية القضائية صارت تشمل جهاز الأمن وحتى الجيش [جندي]. لكن - وللأسف الشديد- التعديلات الجديدة خالفت النظام الأساسي للدولة حيث أن المادة [ 64 ] من النظام الأساسي تخول سلطة الإدعاء العام التنسيق مع جهات الأمن العام في [الجنح فقط] وليس في [الجنايات]، وجرائم أمن الدولة وجرائم مكافحة الإرهاب هي جنايات وليست جنح!


هذا 
يشير إلى تعدي صريح على النظام الأساسي، وهذا يعني أحد التالي:

1- الحكومة ليست مقتنعة بالنظام الأساسي، ولذلك تخالفه [ على عينك يا تاجر].
2- الأشخاص القائمين على تعديل القانون فاتهم مراجعة النظام الأساسي.
3- الحراك الشعبي نزع جزءً من شرعية النظام الأساسي.
4- يعتقد بعض المتنفذين في الدولة أن الناس أغبياء ولن ينتبهوا لهذه النقطة.

الاثنين، 23 مايو 2011

القانون والسُلطة لبدر البحري

القانون والسُلطة لبدر البحري
وبهذه التعديلات تتحول سلطة احتجاز مأمور الضبط القضائي في جهات الأمن العام للمتهم (وهو ليس حبسا احتياطيا وإنما مجرد احتجاز) من ثمان وأربعين ساعة إلى خمسة عشر يوما ويجوز تجديدها لتصبح ثلاثين يوما. ليتحول الأمر من مجرد احتجاز إلى اعتقال، مما يشكل انتهاكا خطيرا لحريات الأفراد والمساس بسمعتهم وكرامتهم

تعليق على التعديلات الصادرة بالمرسوم السلطاني رقم 59 لسنة 2011 بشأن تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجزائية .
طرأت تلك التعديلات على أربع مواد من قانون الإجراءات الجزائية . والهدف منها هو مواجهة أي مسيرات أو احتجاجات أو اعتصامات مثل التي شهدتها بعض ولايات السلطنة في الفترة السابقة. وتعد بمثابة إجراءات استثنائية خروجا على المألوف والأصول العامة المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجزائية. وذلك على الترتيب التالي


أولا : المادة 4 : أضاف المرسوم الفقرة الثالثة للمادة الرابعة والتي تنص على أنه " لجهات الأمن العام بالتنسيق مع الادعاء العام التحقيق في الجرائم الواقعة على أمن الدولة والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الارهاب " . وهذا التعديل سلب حق الادعاء العام وهو الجهة القضائية الوحيدة المنوط بها التحقيق في كافة الجرائم باعتباره هو صاحب الدعوى الجنائية والمختص بتحريكها ومباشرتها أمام القضاء. وبالمخالفة لحكم المادة الأولى من قانون الادعاء العام أعطى هذا التعديل لجهات الأمن العام التحقيق في تلك الجرائم على الرغم من أنها في الأصل جهات أمنية تختص بالعمل على منع وقوع الجريمة مسبقا أو تتبعها بعد وقوعها وملاحقة مرتكبيها وجمع أدلة الجريمة والتحفظ عليها وتحرير محضر جمع الاستدلالات وتقديمه للادعاء العام للتحقيق في تلك الجرائم . ومعلوم للكافة أن جهات الأمن العام تستخدم من الوسائل القسرية وممارسة الضغوط والإكراه سواء المادي أو المعنوي على المتهمين أثناء التحقيق معهم لإجبارهم على الاعتراف مما يشكل اعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية وبالمخالفة لحكم المادتين 20 و 22 من النظام الأساسي للدولة


المادة 31 فقرة 3 : تم تعديل البند الثالث من المادة 31 على النحو التالي " مأمور الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم ..... 3 – ضباط جهات الأمن العام والرتب النظامية الأخرى بدءا من رتبة جندي . وكان البند 3 قبل التعديل ( موظفو جهات الأمن العام الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس الجهة ) . والمقصود بصفة الضبطية القضائية أن كل من تثبت له هذه الصفة يكون له الحق في استيقاف الأفراد والقبض عليهم وما يستتبع القبض من تفتيش لأشخاصهم وممتلكاتهم الخاصة من منازل أو سيارات أو محلات وغيرها . وهي إجراءاتٌ خطيرةٌ بالفعل وتمثل مساساً بحرية الأفراد وحرمة أشخاصهم ومساكنهم . وبتعديل البند الثالث من المادة 31 إجراءات تثبت صفة الضبطية القضائية لكافة العاملين في جهات الأمن العام من ضباط وباقي الرتب من رتبة جندي فما فوقها . دون صدور قرار من رئيس الجهة الأمنية بتحديد من تثبت لهم صفة الضبطية القضائية وهو توسع غير محمود على الإطلاق لأنه سوف يكون له أثار سلبية عديدة وتهديد مباشر لحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية بالمخالفة لأحكام النظام الأساسي للدولة

المادة 50 : كانت المادة 50 قبل تعديلها تنص على أنه " على مأمور الضبط القضائى عند القبض على المتهم أو إذا سلم اليه مقبوضا عليه ان يسمع أقواله فورا واذا لم يأت بما يبرئه يحيله خلال ثمانية وأربعين ساعة إلى الادعاء العام المختص " ثم استبدل النص ليصبح "على مأمور الضبط القضائي عند القبض على المتهم أو إذا سلم اليه مقبوضا عليه أن يسمع أقواله فورا وإذا لم يأت بما يبرئه يحيله إلى جهة التحقيق المختصة خلال خمسة عشر يوما بالنسبة للجرائم الواقعة على أمن الدولة والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب وخلال ثمان وأربعين ساعة بالنسبة لغيرها من الجرائم . ولا يجوز تجديد هذه المدة إلا لمرة واحدة ولمدة مماثلة بموافقة الادعاء العام " . وبهذا التعديل تتحول سلطة احتجاز مأمور الضبط القضائي في جهات الأمن العام للمتهم (وهو ليس حبسا احتياطيا وإنما مجرد احتجاز) من ثمان وأربعين ساعة إلى خمسة عشر يوما ويجوز تجديدها لتصبح ثلاثين يوما . ليتحول الأمر من مجرد احتجاز إلى اعتقال . مما يشكل انتهاكا خطيرا لحريات الأفراد والمساس بسمعتهم وكرامتهم

المادة 141 : كانت المادة 141 اجراءات جزائية قبل تعديلها تنص على أنه " يتحدد الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه " ثم أضاف التعديل فقرة جديدة للمادة لتصبح " يتحدد الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه . ويجوز بقرار من وزير العدل لأسباب يقدرها وبناء على طلب رئيس المحكمة المختصة أو المدعي العام إحالة الدعوى العمومية إلى أية محكمة أخرى مختصة نوعيا بالدعوى " . وإن كان الظاهر من إضافة تلك الفقرة أنها مسألة تنظيمية. إلا أنها قد أضيفت لإحالة دعاوى عمومية معينة يهتم بها الرأي العام إلى محاكم بعيدة مكانياً عن ذوي المتهمين في تلك القضايا خوفاً من إثارة الجمهور وتجمهرهم أمام المحاكم المختصة أصلا بالمحاكمة

بدر بن مالك البحري
محام ومستشار قانوني
مكتب بدر البحري للمحاماة والاستشارات القانونية
badr@albahrilawfirm.com

www.albahrilawfirm.com