أول خلية مصنعة
"ليس كائناً مستنسخاً، ولا معدل وراثياً. إنه كائن حي مُصَنع مخبرياً"، قال أحد المتابعين.
بعد 15 سنة، واستثمارات تقدر ب 40 مليون دولار، وجهود فريق مكون من 23 عالم في معهد كريج فينتر، أعلن يوم الخميس 20\05 إنتاج أول خلية حية مصنعة في تاريخ البشرية.
الكشف العلمي الأخير يماثل اللحظات المفصلية في تاريخ الإنجازات العلمية للإنسان. دعونا نعيد قول رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونج -بتصرف-: خطوة مهمة لمختبر كبيرة للبشرية.
سرد كريج فينتر في مؤتمره الصحفي المحطات الكبرى في المشروع منذ بدايته كفرة عند كريج، حتى اللحظات الأخيرة. حرص الفريق البحثي على القيام باستشارات أخلاقية وسياسية وأمنية في كل تلك المحطات. وراقب العالم في السنوات الماضية النجاحات الجزئية المتكررة لفريق كريج حينما أعلنوا إنتاج فيروس مصنع عام 2003، ثم نجاحهم في نقل كروموسوم كامل من نوع حي لآخر. وفي عام 2008 أظهر الفريق نجاحه في إنتاج أول كروموسوم اصطناعي شبيه بكرموسوم إحدى الأنواع الميكروبية. وأخيراً نجح الفريق في نقل وتشغيل الكروموسوم المُصَنع إلى خلية بكتيرية M.mycoides منزوعة المادة الوراثية. يحوي الكروموسوم المصنع أكثر من مليون شفرة وراثية، ويقوم الكروموسوم المصنع بأداء الوظائف الاعتيادية للكروموسوم الطبيعي.
يقول كريج فينتر في مؤتمره الصحفي: قمنا بالمشروع لفهم أسس عمل الجينات. وعندما سئل عن التطبيقات الأخرى للإنجاز، أجاب أنه سيقود لتحول فلسفي في النظر لمفهوم الحياة، وسيجعل صناعة أمصال جديدة للميكروبات لا تتعدى اليومين عوضاً عن الشهور العديدة حالياً، وسيساهم في إنتاج ميكروبات تساند الإنسان في تنظيف البيئة وإنتاج الطاقة المتجددة.
يورد تقرير نشر في مجلة ساينس SCIENCE العلمية أن معهد كريج فينتر طالب ببراءات اختراع للتقنيات المستخدمة في اختراعه الأخير. وقد يؤدي هذا إن تكلل بالنجاح لقيام احتكار في تقنيات "الحياة المصنعة". لكن اختراع كريج سيطلق حمى التنافس العلمي مجدداً بين تحالفات المراكز البحثية العالمية التي تسابق الزمن لإنتاج تقنيات جديدة في مختلف المجالات.
أورد كريج فينتر في مؤتمره العلمي أن الهدف التالي له سيكون إنتاج طحالب مصنعة بمواصفات معينة. وتنشطُ حالياً مجموعات بحثية متنوعة لإنتاج الجيل الثاني من الطحالب المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي. وينتظر من هذه الطحالب استهلاك غاز ثاني أكسيد الكربون المنتشر في الغلاف الجوي كمصدر للكربون في الوقود المنتج. سيحل هذا مشكلة تواجد الكربون بمعدلات مرتفعة في الغلاف الجوي، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة.
وبين هذا وذاك، قد نستشرف كدول عربية مستقبلاً مجهولاً . إذ أن الفجوة الصناعية والتكنولوجية التي فصلتنا عن ركب الأمم المتقدمة سيضاف إليها فجوة حيوية أو أحيائية، سيكون من سماتها استيراد الأمصال واللقاحات، والطاقة المتجددة، وربما ستكون هناك أسلحة بيولوجية فاعلة خصوصاً مع توجيه بعض الناشطين انتقادات لفينتر كريج وفريقه العلمي بهذا الخصوص، وتنسيقه المستمر مع الجهات السياسية والأمنية بالولايات المتحدة.