الأحد، 4 ديسمبر 2011

حول عيد وطني نسوي بعمان

حول عيد وطني نسوي بعمان


"يوم عظيم للمرأة في عُمان"


ربما هكذا أريد له أن يكون: يوماً عظيماً. لكن أيُ  عظمة؟

أدت نساء الشرطة السلطانية الاستعراض العسكري احتفالاً باليوم الوطني لهذه السنة. إنها المرة الأولى التي تثبت المرأة حضورها بشكل طاغٍ في حفل وطني. إنها، أيضًا، مفاجئة كبيرة على مستوى  السلطنة، بل وعلى مستوى الإقليم الذي يصنف  ضمن أكثر الأقاليم عالمياً تجاوزاً على المرأة وحقوقها.

قام السلطان -وليس السلطنة- بمفاجئة الجميع. 

لم تتضح ردة فعل المجتمع على وسائل الإعلام، لكن صخباً كبيراً نشأ في سبلة عمان، والحارة، والفيسبوك، وغيرها. صخب كبير يظهر استياءً لخروج المرأة عن طبيعتها الأنثوية، ورسالتها الأمومية، ووضعها الاجتماعي المعتاد، لتخرج لميادين الاحتفالات العسكرية.

لكن صوتاً مخالفاً، وإن كان ضئيلاً، اعتبر الحدث برمته انتصاراً من السُلطان للمرأة العمانية. بداية لحقبة جديدة تسود فيه المساواة بين المرأة والرجل في مختلف ميادين الحياة: المدنية والعسكرية.

 لم ينزل الحدث من علٍ على هؤلاء، بل سبقه إشهار فريق القفز الحر النسائي في الجيش السلطاني العُماني.
.

كان بالإمكان أن يكون العرض العسكري مختلطاً. لم كان الإصرار على جعله نسوياً؟ ما الرسالة؟ 
يمكن قراءة الرسالة بوضوح: إن السلطة العليا في السلطنة تدعم مسيرة المرأة. لكن إلى أي مدى؟

قامت السلطة العليا في السلطنة بدعم مواضيع شتى في العقود الأخيرة. تم الاحتفاء بقطاعات محددة فجعلت أعواماً وطنية: الشبيبة، التراث، الصناعة، الزراعة إلخ. بل احتفت السلطنة مؤخراً بمكافحة الفساد. ربما رأى البعض هذا النشاط  على أنه ديناميكية تنموية. لكن يمكن أن يُرى في ذلك مؤشر على غياب استراتيجية وطنية ثابتة: عشوائية وتخبط لا تقود لنتاج مثمر. يشهد على ذلك التعثر الذي مر به ملف مكافحة الفساد في السلطنة. 

لا يمكن، أيضًا، الاستشهاد بالحفل على دعم السلطان لمسيرة المرأة طالما أن ذلك الدعم لم يقد لتغيير في القوانين التي تحكم طبيعة علاقات وأدوار الجنسين في المجتمع. على سبيل المثال لا تمتلك المرأة في السلطنة الولاية على نفسها في شؤون الزواج والطلاق، بل يؤول ذلك لولي الأمر. إلا أن تغييراً في هذا المجال -القانون الصادر عام ٢٠١٠- نقل الولاية على المرأة من الولي المباشر إلى الولي العام في حالات خاصة. إذن، وفي جميع الأحوال، لا تمتلك المرأة -وإن كانت عسكرية- ولاية على نفسها في شؤون الزواج والطلاق.

في المقابل، يكتسب الحفل النسوي أهميته من ظرف آخر: إنها بداية لمرحلة جديدة في عمل أجهزة الدولة، بل ولعلها بداية جديدة ضمن الحراك الاجتماعي الذي شهدته السلطنة مؤخراً.

قرر السلطان أن يفاجيء الجميع. 
غير أن أي مفاجأة ليست إلا دهشة مؤقتة. فهل سينجح السلطان أن يطبع الدولة بطابعه؟ 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق