عن معاوية الرواحي
ومن ذا الذي ترتضى سجاياه كلها
.. كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
المتنبي
شكل معاوية الرواحي ظاهرة غير مسبوقة في الحياة الإلكترونية العمانية. كتاباته الطويلة غطت مواضيعاً شتى. وصفه كثيرون بطول اللسان وقلة الأدب. ووصف نفسه مؤخراً "بالزبالة"، لكنها زبالة تنتج عن واقع يثير التشنج.
أخذ الكثيرون على معاوية الرواحي عدم ثباته على خط فكري واضح وواحد. كان -برأيهم- يتقلب في الرأي كلما تقلبت المواقف. لكن معاوية أجاب مؤخراً أن هؤلاء يجب أن يلوموا أنفسهم على متابعتهم لكاتب إنترنتي مثل معاوية. أغلق معاوية مدونته مؤخراً، وهو إجراء مؤقت كما أرى.
.
لظاهرة معاوية محاسن كثيرة، يتغافل عنها الخصوم، وينساها المعجبون. كان معاوية -الذي وصف نفسه بالفضيحة المتنقلة- مقياساً شفافاً للضغط والأزمات التي مر بها المجتمع العماني. تلك الشفافية في التعبير وتناول المواضيع صدمت المتابعين المنتمين لهذا المجتمع التي تغيب عنه الشفافية بشكل كبير. كان معاوية صدمة كبيرة لمجتمع راكد ظاهرياً، ويريد أن يواصل أحلامه بدولة سعيدة راضية مرضية.
تلك الشفافية التي تمتع بها معاوية أهلته -مثلاً- لنقد ومهاجمة أثر الطفرة العقارية والمالية عامي ٢٠٠٧- ٢٠٠٨م على القيم الإنسانية التي تسود المجتمع العمانية. صوت معاوية كان مهماً في الإشارة لغياب التقنين لأعمال سماسرة الأراضي، وأصحاب المحافظ المالية الوهمية، والفساد الذي استشرى في أجهزة الدولة البيروقراطية. كان صوته حاداً وواضحاً كل الوضوح.
إضافة لذلك، أثمرت حملة معاوية ضد الإعلام والمسلسلات العمانية عن نتائج ملموسة. شُبِهتْ حملة معاوية بوزارة إعلام إلكترونية تحارب وزارة إعلام مرئية\ورقية. نقد معاوية لمسلسلات رمضان شجع الكثيرين لتوجيه نقدهم بصوت أعلى. أثمر ذلك النقد -في مرحلته الأولى- عن إيقاف مسلسل درايش، وتطوير أفكار مسلسلات رمضانية جديدة عرضت في رمضان الفائت. مما نتج -بشكل جزيء- عن ذلك النقد الجريء إعادة تفكير السلطة العليا بهيكلة وضع الإعلام العماني، وبالتالي ظهر للوجود الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
من محاسن معاوية كذلك، مناقشته أو مقارعته لتيارات عمانية. أعني خصيصاً تيار المتدينين وتيار "المثقفين". عاش كلا هذان التياران في أفكار وطقوس ثابتة لم تخضع للنقاش وإعادة التفكير نتيجة للوضع الثقافي الجامد في البلد. ربما آمن التيار الأول بالحق المطلق القادم من الغيب والذي أهله بشكل آلي لرفع شعارات الخلاص الديني والاجتماعي . ولعل التيارالآخر أحس بمظلومية وانتقاص مستمر ليمتشق بشكل آلي -وكردة فعل نفسية- شعارات الحداثة والخلاص الحضاري.
كان الاختلاف مع معاوية فضيلة. اختلفتُ معه حول العريضة التي طالبت بدستور للسلطنة عام ٢٠٠٩م. كان رأي معاوية أن المجتمع غير مستعد لتغير في أسلوب الحكم، وأن المجتمع والدولة يمكن أن يواصلا المشوار بأسلوب الحكم "السابق". لذلك، منحني الاختلاف مع معاوية فرصة للتعلم من وجهة نظر أخرى، وبالتالي إعادة تقييم آرائي الخاصة حول القضية مثار الجدل.
يعرض معاوية آراءه حسب تسلسل منطقي واضح. يفصل بين الوقائع التي يسردها، وبين آراءه واستنتاجاته. تلك المنهجية في النقاش والحوار غائبة كثيراً عن الساحة العمانية -التي يمكن أن تُتابع في منتديات الإنترنت أو جلسات المقاهي-. لابد من الاستدراك هنا أن معاوية يغير -أو يطور آراءه- كثيراً. هذا ليس نقصاً برأيي، إنما دليل ديناميكية دائمة. تتغير الآراء بتغير المعطيات والمواقف. إنه ليس عقلية مصطمة ثابتة، بل منفتحة متطورة.
يمثل معاوية بوضوح تام مأساة الجيل الشاب. الجيل الباحث عن الحرية -التي لا يمكن القبض على تعريف موحد لها-. إنه ضائع بين مثل عليا نبيلة آمن بها، ومجتمع لا يسمح بألف زهرة لتتفتح. عبَر في تدوينته الأخيرة -قبل إغلاق مدونته- عن احتقاره للعمانيين الذين يتسائلون أكلنا يجب أن نكون أحراراً؟ يقول معاوية أن "الحرية فعل الجميع، ولكنها أفراد قبل أن يجتمعوا"!
يخون العمانيون غالباً المباديء التي يرفعونها عالياً. يهاجمون الضعيف ويتركون القوي القادر. تعبر أمثالهم بوضوح، فيقولون:"لما طاح الجمل كثرت سكاكينه" و"الرهوة على المربوطة". لكن معاوية يرد بشكل قاطع:
"أختار أن أكون حراً، أن أكتب للأبد".
الموضوع ذو شجون ومن الإجحاف إختزال ما سطره معاوية في موقف او كلمات كتبها... كانت كتباته في الايام الاخيرة كمثل السد الذي يأن من وطأة الضغوطات الداخليه والخيانة العظمى للوطن وهو يرى أنه ينحدر الى الهاوية وبعد أن خاض معارك نفسية كثيرة مع نفسه آثر إلا أن يستمع لصوت الحق الذي بداخله ويتوقف عن خيانه الوطن بقلمه ليوجه في مساره الصحيح بعيد عن خدمة مصالح ضيقة كيف لا والتوبه تجب ما قبلها ولكن قبل فوات الاوان.. كان كل مرة ينصدم فيها بشخوص يكتشف فيهم الخيانه وهم يدعون حماية الوطن الداخلي.. فيصفع بالحقيقة المرة أنهم من أكبر خائني الوطن.. ويحاول مرارا إقناع نفسه وتتوالى الصفعات والخيانات وينهد السد فيجرف كل ما في طريقه.. سطر الكثير ولا نلومه ولا نحاسبه هنا عن ما كتب من إلحاد وغيره لأنه في وضع لا يحسد عليه.. كما يرفع الحرج عن المجنون إلا ان يعقل كذلك معاوية كان في حالة نفسية سيئة كالجنون الذي يعصف به.. ندعو الله له أن يلهمه رشده ويهدي قلبه لهدايته... لا نستغرب الهجوم الذي سيشن على معاوية من قبل من كشف عوراتهم إنتقاما منه من ناحية ان ما كتبه منافي للقيم وانه ملحد وتشويه.. أو أن يزرعوا الشك في أنها حركة من الامن لمتابعة مسلسل زرع الخوف والريبة في المجتمع من هذه القلاع الامنيه وتشبيهها بالهيبة بعد أن تساقطت وانهدت اسوراها وأصبحت عارية للعيان.. يالله إرحموا عقولنا فالمواطن نصج بما فيه الكفاية.. وسيحاولون التقليل من تأثير ما كتب وتشويهه وهم لا يزالوا تحت تأثير الصدمة.. لك الله يا معاوية.. السد الجارف والسيل العارم اذا انهد يأخذ الكثير في طريقه من شوائب وغيره.. وهكذا إنفجار معاوية ولكن لا نلوم من انهار وفقد الثقة في كل شيء آمن به وهو يراهم أمامه أكبر خائنين للوطن ومن يقوده للهاوية غير مكترث عن المستقبل الذي يسير به هذا الوطن.. لك منا كل الاحترام مع تحفظنا على بعض ما كتبت..
ردحذفأرى في معاوية مع كل ما كتب رجل تخلى عن كل ما عنده لانه ببساطة يجتاحه جنون القيم الداخلية المنافيه لما يعمله ولكن هناك الكثير من معاوية في داخل الكثيرين من المدونيين والمتشدقين والمخبرين والعملاء ومن الجهاز الامني والمكتب السلطاني والقسم الخاص وما لا نعرف اسمه بعد من الاجهزة الامنية ولكن متى يغلبون مصلحة الوطن على مصالحهم ويخرجون معاوية الذي داخلهم... وندعو الله أن يهديك رشدك وأن لا يمسوك بسوء ولتسقط الاقنعه..(..)
من أجل إنصاف الحقيقة
ردحذفhttp://www.facebook.com/photo.php?fbid=107548826037777&set=a.107548822704444.6922.100003479802507&type=1&theater
السيناريوهات المحتملة لقضية المدون العماني معاوية الرواحي:
ردحذفأعتقد بأن الحدس والتخمين ـ في حالات معينة ـ ربما يفـتــّق الذهن، لوضع تصور
يؤدي إلى الجزم واليقين، فإن كان هذا النمط من التفكير بصوت عال، يصلح بأن يكون أساسا لعصفة ذهنية، تساعد على جلاء الضبابية؛ لتوضح الصورة، ولو في سياق التوقعات، فاعتقد:
أن المروءة السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وشيمه النبيلة ـ أعزه الله ـ هي المعوّل عليها دائما في كظم غيظه،وعفوه،وإحسانه. وهذا هو السيناريو الأول.
والسيناريو الثاني: المحاكمة العادلة، وصدور حكم بات، بالإدانة، إذا لم تقتنع عدالة المحكمة بمرضه، أو بالبراءة إن اقتنعت.
وفي الحالين معا، وإذا ما مـنّ الله على معاوية بالحرية ـ طال الزمان أم قصر ـ أين سيولي شطره؟
وهو في نظر السواد الأعظم من الناس أنه مرتد عن الملة، هل سيكون آمنا على دمه، هل سيعيش في حصن حصين طوال حياته، اليس له الحق في الحياة؟ وأن تتوفر له حرية التنقل والعيش الكريم؟ وفي هذه الحالة، اليس من المنطقي القول بان المخرج الأوحد له أن يطلب حق اللجوء إلى أي دولة، توافق بأن تمنحه ذلك، والحال كذلك ما هو التكييف القانوني للجوئه؟ هل لجوء لأسباب سياسية، أم لأسباب اقتصادية؟ الامر محير حقا. وأسفاه يا معاوية ـ والحر يأسف للأحرار إن شانو ـ ألا يمكن القول أن الأسلم عاقبة له، هو ادخاله في مصحة متخصصة خارج السلطنة، إلى أن يمن الله عليه بالشفاء، عندها سيكون قادرا على ممارسة حق تقرير مصيره بنفسه.
ادعو مخلصا كل من يستطيع بفكره الوقاد، وعقله المستنير، وبصيرته الثاقبة، أن يدلو بدلوه في ذلك، مؤيدا، أو معارضا، قادحا أو مادحا، ولكن الرجاء كل الرجاء، أن تكون عصفة ذهنه محصــّــنة بالطرح الموضوعي، الرصين، بعيدا عن القذف والتشهير. شاركوني في التفكير ولكم جزيل الشكر وعظيم الامتنان.