الاثنين، 13 يوليو 2009

بلدي.. بين الأدلجة والنفاق

بلدي.. بين الأدلجة والنفاق


أيا وطني: جعلوكَ مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيفَ نراكَ إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟


يوم الخميس الماضي 09\07 حدثَ حفل بيوم النهضة العُماني. هل تصدقون؟ لم يحدث ذلك في مسقط، ولا في عُمان، بل في مدينة برزبن الأسترالية. استباق مبكر جداً لموسم الاحتفالات والتبريكات والتهاني. كان احتفال بيوم النهضة العماني، وقد احتفل به شباب عمانيون. لم يكونوا رسميين مطلقاً. والمشكلة تكمنُ هنا!

أخبرنيُ أحد الأصدقاء أن مجموعة طلابية من إحدى الجامعات العُمانية تزور جامعتنا مؤقتاً لغرض دراسة اللغة الإنجليزية، وأخبرني صاحبي كذلك أن هؤلاء الطلبة ينوون الاحتفال بيوم النهضة العُمانية، وأنهم يريدون المساعدة. فقُلنا حباً وكرامة.

المُساعدة التي قدمتُها للمُحتفلين كانت بسيطة جداً، ولا تذكر. إلاَّ أنها تركزت أساساً في أخذ الصور وبعض مقاطع الفيديو، وكتابة تغطية صحفية للجرائد العُمانية. حضرتُ الحفل، وأحضرتُ معي بقية الأصدقاء. ولا بأس من القول أن الشباب المحتفلين بذلوا جهدهم، وحسب اجتهادهم ليحتفلوا بيوم النهضة، وليُعرِِّّفوا بعُمان. وقد حدثتْ الأمور تلقائياً ما إن بدأت..

كان الحضورُ كثيفاً، وتضمن الأساتذة العاملين بمعهد اللغة، وحضرت كذلك إدارة المعهد. كان هناك طلاب المعهد أيضًا، وهم ينتمون لجميع ثقافات وجنسيات العالم. وبدءَ الحفلُ بتقديم عن سلطنة عُمان على لسان فتاة عمانية. قصدتَ تلك الفتاة الحديث عن عمان، لكنها تحدثتْ وبشكل لافت للنظر عن السلطان حاكم عُمان. كان الحديث مُبجِّلاً لسُلطان عمان بطريقة مشابهة لما يعرضه التلفاز العماني. فقيل عن حكمه أن عمان قبل ذلك كانت تعيشُ أياماً مظلمة، وغير حضارية. وأن السلطان قد أدخل خدمات التعليم والصحة لعمان، وأنه المسؤول عن رقي المرأة العمانية التي -ولحسن الصدفة- تُقدم ذلك الحفل. أعقب ذلك عرض بصري احتوى أغانٍ وطنية، ومقاطع وأحاديث لجلالة السلطان باللغة العربية. ظهرَ السُلطان قابوس هناك بأوضاع شتى، وبمراحل عمرية مختلفة. وظهرَ أيضًا بالصورة العسكرية وهو يُطلق النار في الميدان العسكري.

الانعكاس:

كنتُ أقعدُ في الصف الثاني، وأرى ذلك. ثم حاولتُ رؤية انطباع كل ذلك على الحضور، وقد صدق تخميني لاحقاً. لقد تحدَّث أولئك الشباب المتحمسون بما يؤمنون به، تحدثوا عن إيمانهم تماماً كما جاء في الإعلام العُماني الذي رأيتُ ذلك اليوم مدى نجاح أدلجته لشباب جامعي، ويُفترضُ وعيه التام. لا بأس أن يُخاطب الإعلام العماني العُمانيين بذلك الخطاب العتيق، لكن ذلك الخطاب -دون أدنى شك- ليس للتصدير. إنه فقط ليُقال للعمانيين أنكم تملكون الجنة، كما لا يملكُها غيركم. أن تقف وتتحدثَ عن إنجازات سلطانك بطريقة كاريكتورية أمام عقول غير عربية سيثيرُ ردة فعل عكسية في عقول الآخرين.

سمعتُ بعض التعليقات خارج القاعة، أن العمانيين يعظمون سلطانهم. وهذا التعظيم لا يعني الاحترام مع التقدير، بل يشير إلى الاقتراب من درجة العبادة في زمن غير توحيدي بتاتاً. وفي مقابل رسالة الإعلام العُماني، فإن الإعلام الأسترالي يستضيف رئيس الوزراء الأسترالي في البرامج الكوميدية، ليداعبه بسخرية دائماً. أمَّا ملكة أستراليا، وهي ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية فإن السينما البريطانية قبل الأسترالية تداعبها وتتحرشُ بها. المثير للاهتمام هنا أن تقديس الحُكام لا يدلُ عالمياً على الاحترام، بل على ديكتاتورية الحاكم وخوف المحكوم من عدم التقديس له.

أشرتُ مسبقاً في هذه المدونة عن النفاق الذي يبديه الإعلام العُماني، والمثقفين العمانيين كذلك (إن سلمنا بالصفة والموصوف) خلال الأيام الوطنية. وذيلتُ إشارتي تلكَ باعتقادي أن أغلبهم يفعلُ ذلك نفاقاً لا أكثر. لكن الحفل ومشاهداته أضاف لي طلبة جامعيين يمارسون التقديس دون نفاق (لعدم ارتباطهم بالجدوى الاقتصادية والاجتماعية). لذلك بتُ أعتقدُ أن الإعلام العماني الذي قاده طويلاً عبدالعزيز الروّاس ولاحقاً محمد الراشدي نجح في أدلجة العقل العُماني. ولربما كان هذا هو الإنجاز الوحيد لهكذا إعلام..








هناك 4 تعليقات:

  1. أيها الكريم حمد ..
    بداية أعترف لك أن الطلبة الذين ذكرتهم أنت هم أصدقائي وأعرفهم شخصيا كوننا نستظل تحت نفس التخصص .. وربما سأراك في العام القادم هناك في كوينزلاند حيث أرتأيت أن أؤجل الإبتعاث إلى استراليا إلى صيف 2010 ..

    عن الموضوع:
    أراى ردود أفعالهم عادية يا حمد ..
    فهم يحبون سلطان بلادهم ويحتفلون بيوم النهضة العماني ..
    والسبب .. نفس السبب الذي يدعو الألمان إلى تقديس هتلر ..
    أو السبب الذي يدعو الهنود إلى تأليه المهاتما غاندي ..

    لا يوجد أحد كامل يا حمد .. ولكن للسلطان قابوس إنجازات وجب الإحتفاء بها .. بالرغم من وجود تقصيرات في جوانب عديدة .. إلا أننا قادرين على تجاوزها والمضي بالوطن قدما إلى الأمام ..

    أما عن طريقة الإحتفال والتي يستهزأ بها إبن الرحبي .. فلا أراها سوى أنها مستمدة من قلب الشارع العماني ..
    ففقرة "باب إيش أذا" كانت ولا تزل من أجمل الفقرات التي قدمت في الأعياد الوطنية على الرغم من بساطتها وسذاجتها .. أما عن ترديد نشيد "ياحيي ياقيوم" فإني أعترف أني كلما أستمع لهذا النشيد بأصوات جنود القوات المسلحة تسري في جسدي قشعريرة لا مثيل لها .. وكم كنت أتمناه أن يكون نشيدنا الوطني بدلا من النشيد الحالي ..


    تحياتي لك يا حمد ..
    أخوك: مالك ..

    ردحذف
  2. عزيزي مالك،
    مرحباً بك، وشاكر لوجودك هنا.

    الشباب أصدقائك، وقد تعرفتُ على بعضهم هنا، وأعرفُ بعضهم من عمان. جميعنا أصدقاء يا مالك. كلنا أبناء وطن واحد، لكننا أيضًا نعبّرُ عن أفكارنا تجاه بضعنا البعض. لولا ذلك، لفقد أهم دوافع المضي للأمام.


    أرجو أن تنتبه للموضوع الذي كتبته بدقة. لم أقل أن السُلطان كامل أو ناقص. لم تكن تلك هي قضية المقال. ولم تكن القضية "باب إيش هذا"، ولا حتى الاحتفال بيوم النهضة العماني. القضية كانت في الطريقة التي سلكها هؤلاء الشباب في التعبير عن "فرحتهم" بيوم النهضة.

    لن أعلق على ما كتبه ابن الرحبي، فهو يمثل نفسه، لا يمثلني أنا. لا أقبل طريقته في عرض أفكاره، رغم أني أفهم ما يرمي إليه، وأتبنى فكرته التي طرحت في مشاركاته بالأعلى.

    شباب عمانيون يعظمون السلطان أمام حضور غربي، وينسبون له مبنى المدرسة، وعمل المرأة، وعقل العماني. إنهم يتراجعون عن منجز الإنسان العماني ليعلقوه في يد واحدة، وبطريقة تعبدية. هناك خلل يا مالك. والخلل لا يكمن في الشباب المُحتفل، فأنا لم أنتقدهم. بل الخللُ في المنظومة الثقافية التي أرغموا على تشربها منذ الطفل. ساهم في زرع تلك المنظمومة بشكل كبير الإعلام العماني، رغم أنه لم يكن اللاعب الوحيد.

    سأخبرك بشيء. في اليوم التالي قال مدرس في ذلك المعهد لأحد طلابه العمانيين -هذا الطالب ليس من طلبة جامعة السلطان-: يبدو أن السلطان يفعل كل شيء في عمان. المعلم الأسترالي يشيرُ إلى الديكتاتورية التي يتحلى بها الحاكم العماني. وقد استشف المعلم هذه الرسالة من خلال أداء الطُلاب على الخشبة. الأنظمة الشمولية وحدهما من تزرعُ رسائل شبيهة في عقول رعاياها. أنظمة شمولية مثل نظام القذافي، أو صدام حسين، أو كيم جونج إيل رغيم كوريا الشمالية حيث يساهم الجميع في العبادة، ويعبرون عن الامتنان الشديد لنعمة الوجود على الحياة. الامتنان لا يوجه إلى الله بل إلى القائد الهُمام.


    عزيزي مالك،
    لقد وصلتكَ رسالة المقال الآن، ومتيقن أن الرسالة قد وصلت لصالح، وبقية الشباب الذين معه. سيأتون في العام القام، وسأكونُ في برزبن إن شاء الله. أتمنى أن أحضر لهم حفلاً آخر، أكثر واقعية وشفافية واتزاناً. أتمنى ان نستفيد جميعنا من دروس الماضي، كي لا نعيش في الظلمة.

    تحيتي لك
    أخوك حمد الغيثي

    ردحذف
  3. أتعلم يا حمد !! ..
    كتبت لك تعقيبا على مشاركتك الأخيرة ،، إلى أن بطئ التصفح عندي وانقطاع الشبكة أبيا إلا أن يذهب جهدي سدى ..

    عموما يا حمد ..
    سعدت جدا بمحاورتك ..
    على أمل الإلتقاء بك هناك في برزبن في الصيف القادم إن شاء الله ..
    للحديث معك ..


    شكرا لك بحجم الأرض والسماء ،، وما بينهما من فضاء ..
    تحاياي ..

    ردحذف
  4. ولكَ أيضًا أسمى التحايا يا ضيفي العزيز،
    سلامي للشباب هُناك،
    ولكل شيء.
    شكراً لك.

    ردحذف