الخميس، 24 مارس 2011

احتجاجات | اصلاحات

احتجاجات | إصلاحات
دعوا ألف زهرة تتفتح
ماوتسي تونج


بمساء الأحد ٢٧ فبراير كنتُ في منطقة دوار صحار. كانت الحرائق ماتزال مشتعلة. مئات الشباب منتشرين بالدوار، وأعداد كبيرة من "بقية الناس" تطوف في المكان. في ذلك الوقت الحرج استلمتُ رسالة نصية تفيد أن السلطان قابوس أمر بتوفير ٥٠ ألف وظيفة للعُمانيين، بالإضافة للإعانة ضد البطالة وهي ١٥٠ ريال عُماني. 

التلبية السريعة للمطالب الوظيفية والاجتماعية كانت منطقية باعتبارها العنوان الأبرز للاحتجاجات، لكن لم تكن تلك الاحتجاجات الصاخبة هي الاحتجاجات الوحيدة في عُمان كما أشار لذلك عبدالله الحراصي. كان لابد من إصلاحات سياسية كبرى تعيد تشكيل آليات عمل الحكومة والمجتمع المدني. بادر السلطان قابوس بجزء كبير منها كمنح الإدعاء العام الاستقلالية المالية والإدارية، وتوسيع صلاحيات جهاز الرقابة للدولة (مع تغيير رئيسه). أيضًا تم إعادة تشكيل الحكومة التي لم تعد تضم أسماء متعددة كانت هدفاً لاحتجاجات العمانيين فيما مضى.

بيد أن أبرز الإصلاحات هي إصلاح منظومة مجلس الشورى. كانت الخطوة الأولى التي قام بها السلطان هي توزير بعض الأعضاء الحاليين أو السابقين في المجلس. هذه الخطوة كانت ذات دلالات مهمة بنظري. فمن جهة حاز هؤلاء الأعضاء على الدعم الشعبي في دوائرهم الانتخابية (الولايات)، ومن جهة أخرى تحاكي هذه الخطوة طرق اختيار الوزراء في الأنظمة البرلمانية، باعتبارهم يمثلون ما يتطلع إليه المجتمع. الخطوة الثانية -الأكثر أهمية- هي تعديل النظام الأساسي للدولة (الدستور) بما يعزز صلاحيات مجلس الشورى. لايمكن التنبأ بالصلاحيات التي ستقترحها اللجنة المعينة خلال ثلاثين يوماً من إنشائها، لكن الأمل المعقود أن توسع صلاحيات مجلس الشورى لتكون رقابية، وتشريعية. 

أما اجتماعياً، فكانت هُناك علاوة لغلاء المعيشة (ينبغي أن تربطُ بتغير نسبة التضخم سنوياً)، وإصلاح نظام معاشات التقاعد للقطاع العام والخاص. وإصلاح نظام التأمينات الاجتماعية. بينما تعالت أصوات عديدة مطالبة بإصلاح نظام التعليم العام، ونظام التعليم الجامعي (زيادة عدد الجامعات أو تأميم الجامعات الأهلية والخاصة)، وإصلاح قطاع الإعلام العماني (بوادر الإصلاح بدأت منذ مرسوم إنشاء الهيئة لكن يبدو أن القطار تعثر).
.

الكثير من المطالب. وعربة الإصلاحات السياسية والاجتماعية قد بدأت فعلاً. لكن الإصلاحات السياسية تنبيء بتحديات قادمة: تحديات أمام المجتمع "بانتخاب" الأفضل لتمثيله، وتحديات أمام الحكومة التي ينبغي أن تؤثر حزم الإصلاحات  (السابقة والقادمة) في "عملها لا في أفعالها". أما الإصلاحات الاجتماعية فإنها تثير مخاوفاً من تشكيلها ضغط كبير على ميزانية السلطنة المحدودة بموارد النفط المُكلِف والضئيل. الإصلاحات الاجتماعية لن تغير الكثير في الوضع المعيشي للناس إن لم يصحبها إصلاح عميق في سياسات سوق العمل وفي الاقتصاد. سياساتٌ أكبر من وزارة العمل ووزارة المالية لتقوم بها بمفردها. سياسات لابد أن تكون استراتيجية دولة في الخروج من مأزق يلوح في الأفق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق