حالة الكذب والأكاذيب أم الصدق والحرب؟ (لمعاوية الرواحي)
يتحمّل كثيرون مسؤولية ما حدثَ في عُمان، الحالة المُزرية التي سببت سقوط قَتلى وجَرحى. سببت دولة وقفت في صحار كجارية محلولة السروال يتحكم بدوارها ومرافقها الحيوية مجموعة من البشر بعضهم لديه قضية حقيقية أصيلة، والبعض الآخر ركبَ الموجة. ركوب الموجة قد يكون شأنا طبيعياً للغاية في حالات الأزمات، جميعنا نعرف المقولة الشهيرة عن الثورات، للأسف الشديد حملت الثورة العُمانية الطبيعة العُمانية، حملتها بشكلها الهادئ المُسالم وبروحِها التي تأبى الغُبن والظلم، نعم هذا الذي أجج الموقف وحوَّل المشهد الاعتصامي من مسيرة خضراء، إلى ساحات الشعب التي يصول ويجول فيها المثقفون بمختلف الأفكار، تارةً دستور، وتارة إصلاح، وتارة تحسين أوضاع، والعقل يسمع الظاهر من القول، ويصمت ويقول: ربما أرادو بما فعلوا خيراً.
&&&
اليوم الحكاية فيلم درامي جديد للغاية، فيلم بطلاه سعيد الهاشمي وباسمة الراجحي الذين كانا معا عندما اختطفا على يد من سمَّاهم سعيد [القوة الخاصة]، الأمر الذي أجده غريباً ومُستهجناً، على أية حال بسبب رسالة سليمان وقعت البيان، وقعته [تصديقاً] أنَّ الذي ضرب سعيد وباسمة واختطفهما هم القوة الغاشمة الخاصة، فسعيد يؤكد كما لو كان عسكرياً يخدم في الأجهزة العسكرية طوال عُمره، يؤكد بخبرة بوليسية عتيدة أنَّ الذين ضربوه كانوا [القوَّة الخاصَّة].
يهمني أن أوضح موقفي للقراء الكرام، لا لسعيد الذي لم يعد يعنيني إطلاقا إلا كإنسان، نعم موقف الضرب هو موقف وحشي وبشع وطريقة وقحة للغاية ولو كانت الدولة وراء حادثة الضرب فربما من الحري أن يتم الدفع بالاعتصام حتى يصل لحدود بغيضة، ما دامَ الأسلوب الآن يحمل طريقة الاختطاف والضرب، أمَّا لو كانَ كلام سعيد أو باسمة كذباً، ولو اتضح أنهما يكذبان فالله المستعان على ما يصفون.
&&&
حتى هذه اللحظة لا شيء واضح، لا أخفيكم أيها الأصدقاء ثمَّة شيء يثير الشك في الحكاية، سعيد [الشخصية العامَّة حالياً] ليس عسكريا أو فرداً من أفراد الشرطة أو الأمن لكي يقرر لنا بخبرة ثقافية هائلة من الذين اختطفوه، وهو الذي كان مربوطا وشبه مكمم !!! كذلك باسمة لم تقل لنا نصيبها من الحكاية، كانت تدافع بجنون عن موقفها وتقول [أنا نزيهة، أنا مظلومة، علوه أنا مظلومة] ليس الأمر الآن يا باسمة ويا سعيد أنكما مظلومين أو غير ذلك، الحكاية أنكما تحملان اتهاما هائلا يمكنه أن يثير أزمة فهل أنتما [قدَّ] ذلك؟
فعلا أتساءل ماذا لو قامت الدولة التي تقف حتى الآن أمام الاعتصامات وأمام المهزلة التي تسقط المزيد من الأرواح، ماذا لو بقيت الدولة مكانَها كجارية محلولة السروال، ترى الذي يحدث هذا يقول اختطفوني، وهذا يقول ضربوني، وهذا يقول قوة خاصة، وهذا يقول قوة عامَّة. نعم لدي ألف شك فيما يقوله سعيد، ألف شك، ولدي ثلاثة آلاف شك في كل حرف قالته باسمة، ولكن مع ذلك يبقى الموقف الحكيم أن نصدقهما، نصدقهما لأننا لم نعهد على الأٌقل على سعيد خداعا وزيفا وادعاءً، نعم نصدقهما لأنهما ظلما وأوذيا في جسدهما، وحُرمة الجسد ليست شيئا يمكن التهاون فيه أو التنازل عنه مهما كانت الظروف، الفاعلون يجب أن يقدموا للعدالة ويجب أن ينالوا نصيبا عادلا وأن تنشر أسماؤهم في التلفاز وأن يظهر للمجتمع بوضوح ما فعلوه، أما ما يخص سعيد وباسمة، من كل قلبي، ولا أوجه هذا الخطاب لهما لكي لا ينقع لي صديق جديد بتهمة [التأليب ضدهما] سعيد صديق عزيز، وباسمة أعرفها من الإذاعة ولا أطيق صوتها الإذاعي أو أسلوبها الإعلامي، ولكن هذا لا يجعلني أقف مع سعيد دوغمائيا فقط لأنه صديقي، أو أقف ضد باسمة فقط لأنني لا أطيق طريقتها الإعلامية الدفشة التي لا أحبها على الإطلاق، التساؤل الآن هل كانا صادقين؟ هل كان أحدهما صادقا والآخر يخفي شيئا؟ أم ثمَّة مجموعة من الحقارات البشرية الذين كانوا وزراء في عُمان هم الذين قاموا بهذه الفعلة.
في الخِتام الدولة هي التي تتحمل هذه المهزلة، تتحمل الأبرياء الذين يتعرضون للأذى، تتحمل اختطاف سعيد وباسمة، لو كان صحيحاً، وتتحمل الإذى الذي أصابنا كعمانيين ونحن نرى أبناء عُمان الصغار يتسلحون ويعدون العدة للقنابل وللقتل. هذه الدولة عليها أن تتخذ موقفا، إما أن تسمح للمهزلة بالاستمرار، أو أن تتخذ موقفا واضحا، ولكن موقف المثقفين القائم على التبقبيق في ساحة الشعب، وموقف الدولة كجارية محلولة السروال، كلا الموقفين لا يخدم القضية العامَّة، عُمان، التي كنا نتمنى من البعض أن يتسامى عن السخافات من أجلِها، ولكن كما يبدو هو عصر السخافات، من الدولة، ومن المثقفين، ومن المثقفات، عموما يا سعيد ويا باسمة أتمنى أن يلقى جزاءه الذي اعتدا عليكما، ولو كانت القوة الخاصة التي قامت بهذه الجريمة الشنعاء فلا بأس أعتقد أنني لست وحدي مستعدا لحمل السلاح [ويصير اللي يصير] ولكن لو كانَ أحدكما كاذباً، فالله المستعان، لقد كذب أحدهم على البشر في بيانٍ سابق واتضحت حقيقته سابقاً، أتمنى ألا يتكرر هذا، ولا سيما مع إنسان نبيل وصادق مثل سعيد الهاشمي.
عموما يا أصدقاء لكي لا أطيل .. خبر اليوم بفلوس .. غدا سيكون ببلاش ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق