الخليلي: الإسلام يحل جميع مشكلات الحياة. لكن كيف؟!
تورد صحيفة عُمان بتاريخ 19 من إبريل 2009، خبراً عن محاضرة للشيخ الخليلي مفتي السلطنة. جاء في الخبر عن الشيخ أحمد قوله:
"حل جميع الأزمات والمشكلات كامن في الإسلام"، "ما تحصل عليه العُلماء من علوم -العلوم التطبيقية- ما هو إلاّ قشور"، "شريط الوراثة ينسف الفلسفة المادية نسفاً"، "عجز الإنسان عن الإلمام بحقائق نفسه وما يحتويه من عجائب شاهد على عظمة الله"، "النظام البشري الوضعي مصيره إلى الزوال مثلما زال النظام الشيوعي، والآن النظام الرأسمالي في طريقه إلى الزوال"، "العقول البشرية محدودة وقاصرة"، "الإسلام هو الحل للأزمة المالية الحالية، لكن الإسلام ليس قطع غيار، فالإسلام لا يقبل التجزئة".
كانت المحاضرة في جامعة نزوى، وجامعة نزوى لمن لا يعرفها هي جامعة فيها أساتذة علميون يُدرِّسون الطلبة العلوم الإنسانية والتطبيقية كالبيولوجيا، وعلم الاقتصاد. وجامعة نزوى بها الأساتذة، ولابد أنهم حضروا محاضرة الشيخ أحمد، ولابد أن يرجعوا لتلاميذهم بالقول أن الإسلام هو الحل، وأن العلم ما هو إلاّ قشور. والقشور كالزبد يذهبُ جفاءً إن لم يكن من الإسلام!
المقتبسات التي أوردُتها بالأعلى تمثل كلاسيكيات الخطاب الإسلامي الذي قد يقرأه الإنسان البسيط (مثلي) في عُمان أو في السينغال أو في كشمير أو في فيجي! وقد جاء في المحاضرة شعار استخدمه الإخوان المسلمين في حملتهم الانتخابية الأخيرة لمجلس النواب في مصر: "الإسلام هو الحل". وأنا أتساءل كيف!؟
ومن كلاسيكيات الخطاب الإسلامي أن العقل الإنسان ما يزال يكتشف في البيولوجيا وبقية العلوم. وهم يعدون هذا دليلاً على قصور العقل الإنساني لأنه مازال يكتشف، ولم يصل لكل الحقيقة، أي الحقيقة المطلقة التي يعلمها الله وحده. بينما الإسلاميون لايزالون يعيبون على العقل الإنساني اكتشافاته، متسائلين لم لا يركن في الزاوية متعجباً عن قدرة الله مثلهم دون أي حركة وبركة. والشريط الوراثي الموجود في الخلية ينسف النظرية المادية -كما يزعم الشيخ أحمد- لكن هذا الشريط يسند النظرية الدارونية بشكل كبير. والشيخ أحمد ربما لا يريد قول ذلك لمستمعيه. إنه فقط يخبرهم أن هذا الشريط ينسف النظرية المادية نفساً. الله، وحده الله، يجعل في مخلوقاته ما يدل عليه، والخطاب الإسلامي وحده يعرف ذلك دون بقية الناس.
وجاء كذلك في المُحاضرة، والعهدة على الراوي: جريدة عُمان، أن الإسلام به حل للأزمة المالية العالمية. وأن جميع الأنظمة البشرية في طريقها للزوال. وأسأل نفسي بقوة كيف يحوي الإسلام حلاً عبقرياً للأزمة المالية؟ تذكرتُ جميع دروس التربية الإسلامية والكتب الدينية التي قرأتها منذ الطفولة ولم يمر بذهني أني قرأتُ حلولاً للأزمات المالية! والإسلام ذلك الدين الجميل في الأخلاق والمباديء الاجتماعية لم يحوي نظاماً مالياً كما أعرفُ. إنه يمنع الربا، والاحتكار، والاستغلال الاقتصادي إلاّ أنه لا يقرر نظاماً معيناً كي نسميه نظاماً مالياً. والزكاة التي يزعمُ الإسلاميون أنها مفتاح الحل المالي، يفرضُ النظام الاقتصادي الغربي أضعافها كضريبة على المبيعات، والقيمة المُضافة، والدخل الفردي.
والأنظمة البشرية في طريقها للزوال. وهذه الأنظمة التي يقصدها الشيخ الخليلي هي الأنظمة السياسية، وقد استشهد سماحة الشيخ بانهيار الشيوعية على ذلك. والمذهب الإباضي لا يعترف إلاّ بصوابية النظام السياسي الشُوري الذي أقامه المذهب الإباضي عبر القرون، أما النظام السياسي الذي أقامه السنيون فهو ليس الصواب. إنه نظام بشري ملكوي. لهذا يشمله تعميم الشيخ الخليلي. إننا بصدد انهيار النظام الرأسمالي، ومعه ستنهار أشياء كثيرة، فلن تصل السيارات لعُمان حينما تفلس جنرال موترز وتويوتا وميرسيدس. وستنهار الأنظمة القائمة في الدول الإسلامية لأنها بشرية. فماذا سوف يظهر؟
لم يظهر النظام الرباني إلاّ في فترات زمنية بسيطة جداً في التاريخ الإنساني. الإنسان يعيد إنتاج النظام الاجتماعي والسياسي بما يتوافق مع تطوره وتطور الجماعة. قد يكون شيوعياً، رأسمالياً، اشتراكياً، مستبداً، مستنيراً... إلخ إلاّ أنه لن يكون ربانياً بطبيعة الحال...
الحمدُ لله أن كان عقلي قاصراً ومحدوداً عن إدراكِ أشياء عديدة،
الحمدُ للهِ.
.
.