الخميس، 23 أبريل 2009

حول محاضرة الشيخ الخليلي مرة أخرى

حول محاضرة الشيخ الخليلي مرة أخرى


أهلاً جميعاً..

أنا حزين. حزين بشدة. في النافذة السابقة التي علّقت بها على عناوين جاءت في محاضرة للشيخ أحمد الخليلي في جامعة نزوى تلقيّت ردود. الردود كانت حادة جداً. أصحابها لم يكتبوا أسمائهم. يلقونها من وراء حجاب. الكلمة الجارحة من وراء حجاب. هدى الجهوري تكتب في شرفات أن كتاب النت أشباح. ما كتبته الجهورية أرفضه. اسمي حمد. لستُ شبحاً. أرى الطريق جيداً، لكن -للأسف- هناك من يكتب وهو خائف من مصارحة الناس بمعتقداته.

لي صديق جميل. يسكن في الضفاف البعيدة. أرسل لي رسالة عقب قراءته للنافذة السابقة. قلتُ له سأنشر رسالتك في المدونة. وها أنا أفعل دون ذكر اسمه، تحفظاً عليه. قد يُساء فهمه. لكن لا بأس. قد يوصف بالجهل، وهو ليس كذلك. يُكملُ دراساته العُليا في حقل إنساني مثير.
هيّا:


"العزيز حمد الغيثي

ربما تكون محاضرة الخليلي عن العقلانيين في الجامعة هي من فتح المجال واسعاً للنظر إلى الخليلي كشخص بعين أخرى جديدة، وذلك ما قاد لإعادة النظر إلى محاضرته، وخصوصاً بعد أن طبعت. لهذا ترى دائماً أن هدف أتباعه كان الرد على العقلانيين فقط. شخصياً لا أكن الحقد على الشيخ ولكن من حقنا أن نتسائل كيف ولماذا وصل الشيخ إلى ما وصل إليه؟ هناك من يستخدمون لفظة الشيخ فقط لتكون محصورة بالخليلي فقط. تخيل أن يتم إيقاف كلمة في اللغة لتدل على شخص واحد!

هناك مظهر آخر وهو أنه أصبح عندما يذكر أو يتم الحديث للشيخ، يقال له حفظك الله أو حفظه الله حسب حضوره أو غيابه، وبالنظر إلى أن حفظه الله لم يكن في السابق يستخدم إلا للسلطان ، لكن هذا التعبير استخدم للخليلي لاحقاً فشاع.

تعبير آخر وهو "أمد الله في عمره" أو "طال عمرك" -وهي نسخة محرفة عن طويل العمر- كان يستخدم كذلك للسلطان. هنا تداخل بين اللغة والدين والسياسة. إنه خطاب القوة وتمثلاته في عمان والذي ما زال بعيداً عن الدرس الفاحص والمتمعن بمنظور علمي دقيق.

كانت ميزة دراسة الرقيشي أنها أول من دشن مشروع قراءة مغايرة لفكر الخليلي وذلك اعتماداً على كتبه أو قاله الخليلي بذاته. كنت أتمنى لو أنك تمكنت من الحصول على الشريط أو لو انتظرت فترة لوجدت أن هناك من تطوع وقام بتفريغ المحاضرة أو تحميلها كاملة. المقصد من ذلك أنك ستستطيع أن تنظر إلى خطابه بشكل أكثر رحابة وعمقاً من مجرد اقتصارك على العناوين. قراءة خطاب الخليلي ليست مهمة سهلة بل إنه يعد من التابوهات المحرمة في عمان. لست أقصد أن الإباضية هم من سيردون عليك، بل أن الحكومة لن تسمح لك بذلك.

هناك أمر آخر حري بنا أن نلتفت إليه وهو أن الشيخ الخليلي قد قدم إلى عمان بسبب المذابح التي حصلت للعمانيين في زنجبار على يد الشيوعيين هناك. عمر الخليلي في السبيعنيات كان مقارباً لعمر السلطان بمعنى أنهما من جيل واحد. السُلطان قابوس، والشيخ الخليلي كانا متقاربين فكرياً نظرا لكونهما يكرهان الشيوعية، والخليلي كان في ذلك الوقت يعتبر متقدما على الكثير من علماء عمان الذين لم يكونوا يميزون بين الشيعة والشيوعية حسب ما ذكرت بعض الكتابات التي تحدثت عن سيرة الخليلي. الأمر الآخر لم تكن تربط الخليلي علاقة بالإمامة وحركتها، وذلك ما جعله مقربا أو قابلاً لأن يكون مشروع مفتي يشترك مع السلطان في بناء الدولة في إطار عام وكل حسب صلاحياته وحدوده.

أعتقد أن هناك الكثير الذي يجب أن يقال حول دراسة خطاب الخليلي، فهو الخطاب الديني الرسمي الوحيد في عمان.
هذه بعض الأفكار التي أحببت أن تشاركني فيها.
خالص المودة"

-انتهى-

هناك تعليقان (2):

  1. دوتشي ... لا أقول عن صاحبك جاهل، ولكنه - كما أرى - ينظر من منظار واحد.

    طرحه للأسئلة لا مشكلة فيه، فمن حق الجميع طرح الأسئلة وواجب على من عنده جواب أن يرد.

    ما طرحه صاحبك يندرج تحت عنوانين رئيسيين:

    ١- الاحترام الزائد - كما يرى صاحبك - لشخص الشيخ أحمد.
    ٢- أن الشيخ أحمد و الحكومة عملة واحدة بوجهين.

    أما عن الأول، فأستغرب إستغراب صاحبك من احترام عموم الناس و خاصتهم لرمز من الرموز الدينية و الفكرية العمانية... فسماحة الشيخ كان يقرأ و يحاضر في الدين و الثقافة و السياسة و الاقتصاد، في زمن كان فيه القراء قليلون. كان همه نشر الوعي في مجتمع كان يقرب القرابين للأضرحة إيمانا منهم بنفعها و ضرها، كان هدفه انتشال الناس من ظلمة الجهل إلى نور العلم ... العلم الشرعي و العلم النظري و العلوم الهندسية و الطبية و الاجتماعية ... ومن يقول خلاف هذا هو جاهل بخطاب الخليلي و لا يقرأ له إلا من خلال الصحف (كما فعلت أنت تماما يا دوتشي).

    فلماذا يستكثر صاحبك على الشيخ بعض الألقاب التي تحبها الناس امتنانا لها لدور الشيخ التنويري في عمان؟!

    هذا أولا ...

    أما ثانيا، فأقول: العلاقة بين السلطان و الشيخ لا يمكن إلا أن تكون قوية. فعمان - كدولة - نبذت الطائفية، ولكن لا يعني هذا أنها تحارب الإباضية!

    استقرار عمان - أخي دوتشي و أخي صاحب دوتشي - منوط ببقاء المذهب قويا، لأنه المذهب الوحيد الذي لا يمكن ربطه بأي جهة خارجية، فهو العمق الحقيقي لعمان التي لا يمكنك قراءتها تاريخيا إلا من خلال المذهب، ولا يمكن قراءة المذهب إلا من خلال عمان.

    فالرابط إذن هو رابط استراتيجي، ولكن مع هذا فإن العلاقة ليست كما يظنها البعض في المتانة و القوة. و السبب في ذلك يعود إلى كثير من الأمور التي لا مجال لذكرها هنا.

    أريد التأكيد على أمر مهم، هو أن هناك قراءة مغلوطة جدا لفكر الشيخ ... فهو من أشد الداعين للأخذ بالعلوم التطبيقية الحديثة و تعلمها و الاستفادة منها، لا كمثل بعض مشائخ السلفية الذين يقذفون العلوم بأبشع الأوصاف و الألقاب (إقرأ نونية إبن القيم مثلا ... أو بعض الفتاوى الحديثة المتكاثرة في النت). و أكير دليل على ما أقول - بخلاف المحاضرات - هو ما نقل عن الشيخ دعوته للدول الاسلامية السعي للحصول على التكنلوجيا و الصناعة النووية!

    تحياتي ...

    ردحذف
  2. صديقي العزيز سعيد

    أهلاً وسهلاً بك. شكراً كذلك على طرح المتزن.

    في الحقيقة أتفق معك، ومع صاحبي -صاحب الرسالة-. أتفق معكما كليكما.

    الشيخ أحمد الخليلي شخصية ذو احترام كبير في السلطنة. ساهم بشكل كبير في تربية وتنشئة أجيال في السلطنة. نشكره ونعترف بفضله.

    الحديث هُنا لا يرتكز على شخصية الشيخ ولا على الاحترام الزائد له، فهو يستحق ذلك، لكن ما ذهب إليه صاحبنا هو قصر بعض الكلمات في اللغة على الرموز أياً كانت، أكانت سياسية، أم اجتماعية أم دينية. وكُلما ازدادت الألقاب الممنوحة للشخص ينبأك الوضع أنهُ ماضٍ نحو تقديس من نوع غير ديني. تمتع الشيخ أحمد بوضعية استثنائية في عمان، قياساً لبقية المفتين في دول الخليج الأخرى. الشيخ أحمد هو الرمز الديني الوحيد بالسلطنة. تماماً كما هُو السلطان قابوس بعمان. بينما إن يممت وجهك يميناً وشمالاً عند جيراننا لرأيت التعددية في الرموز، وإن كان هناك تفاوت بينهم، لكن التعدد موجود.

    التحالف بين السُلطة السياسية والسلطة الدينية حدث بسبب الظروف التي كانت تمرُ بها السلطنة حينها. وما فعله صاحبنا هو استقراء في أسبابه، وقد حدد الصاحب "كره اليسار والشيوعية، وبُعد الشيخ الخليلي عن جبهة الإمامة بعُمان". لا أظنني ولا أظنك ترفضُ هذا الاستقراء لأن المعطيات تدعمه، ولا أود ذكرها هنا، لأن محلها ليس هنا.


    الشيخ الخليلي عالم، لكن العِلم بالتأكيد ليس مقصوراً عليه وحده. لكن وضعية الرمز بالسلطنة أحدثت صرحاً صنمياً في أذهان متبعيه. لهذا رأينا ردة الفعل العنيفة التي أتت بعد كتاب العدوي "الإيمان بين الغيب والخرافة"، وبعد كتابات الرقيشي الإزكوي في الحارة العمانية تعقيباً على كتاب الشيخ أحمد "العقل". الوضعُ الطبيعي أن يكون هذا الجدل والحوار مسالماً لكنه كان إقصائياً. والوضع الطبيعي أن يكتب الرقيشي الإزكوي ملاحظاته على الكتاب -سواء كانت صائبة أم خائبة- في الصحف. لكنه الخوف إن صرّح باسمه.

    النقد مفيد، والنقد مثري، والنقد يجدد الطرح.
    نعم، لا أتفق شخصياً مع جاء بمحاضرة الشيخ الخليلي في جريدة عُمان، لكن ذلك لا يقلل من احترامي له. الطرح الإسلامي كان دائماً شعارات، ولم يشرح للناس بدقة كبيرة تفاصيل مشروعه. ينطبق هذا بكل تأكيد على مشروع الإخوان المسلمين في مصر التي قارب عمرها الثمانين عاماً.

    لك أسمى التحايا يا صديقي.

    ردحذف