الأحد، 2 أغسطس 2009

الخسارة في الجانب الآخر من عُمان

الخسارة في الجانب الآخر من عُمان
نقلاً عن مهذونة معاوية الرواحي



من أجمل ما كتب معاوية الرواحي في مدونته. ما كتبه الرواحي -وأنقله هنا اليوم- قريب مما قاله الشاعر العربي القديم:" أمرتهم أمري بمنعرجِ اللوى.. فلم يستبينوا النصحَ إلاَّ ضحى الغدِ". والأمرُ كما أراه لا يخرجُ عن تحرك عجلة المجتمع العماني التي ركلتها الحكومة في الألفية الجديدة لتؤثر على المعادلات الاجتماعية والاقتصادية في عُمان، دون أن يكونَ هناك لاعب آخر يركل الكرة في الجهة الأخرى. أترككم مع ما كتبه معاوية، وهو يستحق التأمل الشديد.


أستطيعُ أن أقولَ أن قواعدَ اللعبة انكشفت بعض الشيء أمامَ عينيَّ. ربما، ولهذا السبب تحديداً لم أستطع النوم على الإطلاق، ربما لأن مدينةً، أو فلأكن أكثر دقةً [وطناً] مثالياً استطاعَ أن يعبرَ بي هذه الليلة ذاكرتي كاملةً، كما استطاعَ أن يعيرني سمعَه وعينيه ولسانه وشفتيه.

&&&

قواعد اللعبة لم تكن أكثر وضوحاً من هذه اللحظة، والخيارات المطروحة ليست مثل حلاوة [أمرين أحلاهما مرّ]. يبدو أن الإحباط الوجوديَّ الذي أشعرُ به في هذه اللحظة بالتحديد قد استطاعَ أن يتسلل خلسة ربما من المرارةِ الوجودية أيضا في سقفِ حلقي إلى المرارة الوجودية أسفل دماغي إلى المرارة الوجودية أعلى دماغي. لا أذكر الآن بالتحديد أن هو مركز الذاكرة قصيرة المدى ولكنني متأكدٌ تمامَ التأكد أنَّ فكرةً واحدةً تجولُ فيه.

اللعبة الآن لها شروطٌ واضحةٌ للغاية، وشروطُها ليست تعجيزية كما يتوقع البعض [ربما لا زلتم تتساءلون عن اللعبة التي أقصدُها]، ولا تذهبوا بعيداً في تفكيركم ــ الذكيِّ ولا ريب ــ فاللعبة هي لعبةُ العيش، والعيش الذي أقصده ليس العيشَ بمعناه العام، وإنما العيش في عُمان ــ بل أكاد ربما أحدد وأحصرُ العيش في مسقط لولا أنني لستُ بصدد تناول غلاء الإيجارات والحديد، ونصف رواتبنا الذي يذهب في بطونِ أصحاب العِمارات [العمانيين ــ الذين هم منَّا وفينا وبعضهم ربما أولاد قبائل ووزراء وأولاد نيابة] مثلما بعضهم أولاد حرام وكلاب ولصوص ومستغلين ومتسلقين وحقراء وتفَّه وسفلة. نعم في بلادي عُمان يجتمع هذا المزيج المتناقض من البشر في مكانٍ ضيِّق لا يعبأ بمهذونٍ مضروب على رأسِه أو بحفنةٍ من الشباب العمانيين الذين اعتقدوا أنَّهم بحفنة من الحروف المجمَّعة بعناية [أو بدون عناية] على شاشة الحاسب الآلي المحمول المزمول ربما، يعتقدون أنَّهم باستطاعتهم تغيير شيء من القرف العام الذي يحدث على مسمع ومرأى من الجَميع، والكُلُّ يكادُ يجمعُ على الحقيقةِ المُرَّة، الكل يريد أن يعيشَ وأن يأكلَ [خبزاً] ولعلَّ لقمة الخبز هذه هي الشيء الوحيد في هذه البلاد التي لا يمكن التفريط فيه. لا زلتم ربما ضائعين تحاولون فكَّ طلاسم هذه الهذونة الجادَّة التي ربما وللمرة الأولى أعني فيها ما أقول، أو أقولُ فيها ما أشعرُه في حالة صوفيَّة، [ليست صوفيَّة على طريقة الحلَّاج بقدر ما هي خشنة كجونية الطحين] تكاد من خشونتِها أن تبردَ الأصابعَ لتكون بكماء، فالأناملُ هي التي تتكلمُ في هذا الزمان الجديد، وهي التي تحاولُ جاهدةً أن تبعثَ الصرخةَ في هذا الموات الذي بدأ بالتسرطن، مواتٌ علنيِّ للضمير الجمعي، أو للفكرة الأخلاقية الجَمعية/ للقيم كما يصوِّرها المثاليون / أو لتلك الروح العُمانية كما يحلو لي أن أسميها تجاوزاً [فالروح من أمرِ ربِّي]. هذه المرَّة ليس أمامي سوى الخوض مع الخائضين، الخوض على طريقة جامعة السلطان قابوس، أو على طريقة سدِّ الخوض الهائل، أو تلك البيوت الفارهة التي تقعُ على جانبيِّ شارعِ الجامعة وأنا أشاهد الصفائح التكتونية المجتمعية تنفصلُ كما يتمزَّقُ [سنجاف] حبوتي حماموه في كلِّ عيد وهي تنزعُ السنجاف القديم من الثياب القديمة لتحيك لبناتِها [كذبةً] صفراء على هيئة ثوبٍ عُمانيِّ [بدون شقٍّ وريمبو]، حماموه التي تحلمُ في يومٍ من الأيَّام أن يتكرَّم [حبابُها] الشايب تكاليف رحلتِها إلى البيتِ الحرام. حماموه التي لا تصلِّي ولا تصومُ ولا تقبِّل غرباً[1] ولا تعرفُ لو سئلت عن جنسيتِها ما هي، لأنَّها مذ خلقت تحت ظلِّ النخلة لا تفهمُ كلماتٍ مثل الوطنية، أو الوطن، أو الانتماء لأنَّها ليست بحاجةٍ إلى هذه الزوَّادة من المفردات التي طفق مئات البشر يطفحونَ بها علينا كما تطفحُ المجاري.

&&&

للمرةِ الأولى التي أشعرُ فيها أنني لا أريدُ أن أقولَ ما أريدُ قولَه، ربما لذلك أذعنت لنداءِ اللغة وطفقت هكذا أسكب من فيضِها [لا فيضي] المدرار مئات الحروف التي تزيدُ الفكرةً عمىً وتضيعكم كما تضيعني مع هذه السطور التي تزيدني أسىً وحزنا وحسرةً. لأنَّ اللعبة ربما شاءت أن تجعلني في منتصف الصفيحة التكتونية التي تتمزق، وقدمٌ هُنا وقدمٌ هُناك والحياةُ ليست أكثر من لعبةِ قُمار، أليسَ قماراً ذلك الذي رمى مستقبلَه كاملاً وراء حلمٍ صغير، أو أمنية بعيدة للغاية، أو قماراً ذلك الذي حطَّم كل ما لديه ليبقى من أجل استمرارِ آخرين نسوه تماماً فورَ أنَّ أكملَ لهم دينَه وأتمَّ لهم حمايتَه. أو ربما مئات المقامرين الذين أصبحوا بين ليلةٍ وضُحاها [سماسرةً] يركضون ركضاً وراءَ [صفقة العُمر] التي ستنهي سيرهم المُعتاد في الحياة وتحوِّلهم ببركةِ الغلاء النفطيِّ المُفاجئ ولعبة تجَّار العقارات إلى أشباه أغنياء، إذ رأوا الجار، وابن الجار وأخِ الجار وعمِّ الجار يصبحون بين ليلةٍ وضُحاها أثرياء مكتفينَ يقدِّمون استقالاتهم على ورقةٍ ممزقة من كرَّاسة رسم ابنهم الصغير. نعم ذلك يحدثُ في عُمان، وقد حدثَ كما ينفجر زلزال في مجتمعٍ غير نمطيٍّ لينتجَ ركاماً هائلا من التوابع الزلزالية، وليتحوَّلَ الناسُ هكذا دون سابق إنذار إلى بائع/ ومشتري، الأول ينتظرُ الطامَّة أن تزيد وأن تخنقَ المئات من ذويه وأبناء بلدِه العُمانيين أبناء القبائل أولاد الأصل، والآخر ينتظر أن تهوي الأرضَ بمن بها، والنفطَ بمن اشتراه وباعَه ليستطيع إكمال ثلاثة آلاف طابوقة موصلة بالإسمنت عليها بعض الطلاء والحديد. ولا زال الإعلامُ يغنِّي والأدباء يكتبون وكتَّاب المنتديات ينقدون والخسارةُ الكُبرى ليست فيما يقولونَه أكثر مما هي في أنفسِنا. هل بدأت الفكرة تتضح أمامَكم يا سادتي الكرام ويا سيِّداتي الكريمات الرائعات المذهلات العُمانيات منكن وغير العُمانيات.

&&&

يزداد الزحام كثافةً أمامَ العدد الهائل من الحالبين الوافدين الداخلين أرض النفطِ واللبان وأرضَ المواطنين الراضين بالحال الشاكرين الله على النعماء الحامدين الله على الضراء وكله لهم خير. يزداد حتى تفتحون أعينكم معي على عُمان الجديدة، وهي هذه المرَّة ليست عمان التاريخية التي يحلو للإعلام تضليلكم بها، أو عُمان الآيدلوجيا العَريقة التي فشلَ المستعمرون البرتغاليون في تسميم نقائها، تفتحون أعينكم معي على عُمان الجديدة التي يفرُّ فيها المرءُ من أخيه وأمِّه وأبيه وصاحبته التي تطبخ له الطعام والشراب. تفتحون أعينكم على عُمان أخرى ليست كما عرفتموها بقدر ما هي عُمان مختلفة لم تعد أمَّ الجميع، بل هي أمُّ البعض / البعض / الذين أفلتوا من العاصفة واعتصموا بحبلٍ من حِبالِ الغد إذ اكتشفوا بقاء الأوراق الرابحة في أيديهم. ولم يعد الرقم الرابحُ أو الورقة التي لا تفقد قيمتها شهادة تعليمية أو وظيفة تدرُّ قطراتٍ من المال، بل في عُمان الجديدة يخرجُ نمطٌ لقيطٌ من أنماط العاصفة العشوائية التي هبَّت على هذا المُجتمع المُطمئن الذي سعت السلطة إلى الحفاظ عليه ومنع كلِّ المؤثرات العقلية أن تنالَ من ثباتِه. فعُمانُ اليومَ صفيحة تكتونيةٌ تنفصلُ بهدوء منذ 2004م على مشهدِها الاجتماعيِّ الجديد الذي سيحددُ، أو بالأحرى ستحددُ المنظومة التي يقبلُ بها الغنيُّ والفقيرُ كيفيةَ سيرِها من الآن فصاعداً، الغنيُّ الذي يحلمُ بتغيير استخدام قطعة أرضٍ من سكنيٍّ إلى تجاريٍّ، والفقير الذي يحلمُ بالحصول على قطعةِ أرض يستطيع تغييرها من سكنيٍّ إلى صناعيٍّ، أو مضمِّر الإبل الذي يحلمُ بالناقة [السبوق] التي ستدرُّ عليه [العيشَ] الحسنَ على مسمعِ ومرأى من العالمِ الذي أجمعَ ووافقَ على سيرِ الحياة بهذه الصورة. فمن أفلتَ يمهِّد لمن بعدِه أن يفلتَ أيضاً، ومن لم يفلت تعلَّق بحبال الأملِ أن يستطيعَ الفلات، أو حمدَ الله مئات المرَّات على راتبِه الذي يكفيه بعد استقطاع قرض البيت لسداد مصاريف الطعام والعزبة في مسقط. فاللعبة الآن أضحت واضحة للجميع لأنَّها ليست معقدَّة على الإطلاق فالمنظومة العُليا المسيِّرة المُختارة اختارت المضيَّ قدماً في سحب الصفيحة التكتونية الصغيرة من عُمان، وسوَّرتْها بالكثير من الحرَّاس الطامحين للفلاتِ // الراغبين في أن يكونوا من الأولين، وهم في حقيقتهم من الآخرين. وكلُّ ذلك يحدثُ أمام أعينكم يا عمانيون، وأنتم كعادتكم إمَّا صامتون رغباً أو رهباً .. فما منكم إلا ولديه ما يخسرُه، وهؤلاء الذين ليس لديهم شيء ليخسروه. وهذا الشرخُ الذي بدأت معالمَه تتضحُ رويدا رويداً ليس وليد اليوم واللحظة، فهو جاء بإجماعٍ منكم وبموافقةٍ تامَّةٍ على حدوثِه فأنتم، هؤلاء الذين نعَّمتهم الحياة قليلا قد لا تعنيكم كثيراً سياسات التربية والتعليم، أو سياسات وزارة الصحَّة أو سياسات التعليم العالي ما دمتم، ولا أقصدُ الآن الوزراء بل أقصدكم أيا الفريق التكتونيِّ العُماني شبه العادي، أولاد عمِّنا وأقاربِنا وبعضكم ربما أقرب من حبل الوريد إلينا، تشاهدون ما يحدثُ لأنَّكم أيقنتم أنَّكم من الأولين، الذين هم في المدارس الخاصَّة يدرسون، وفي العيادات القادمة من الغرب يعالجون، والذين هم في أوروبا يدرسون، والذين هم العقارات يملكون، فلا حرجَ ولا غضاضةً أن تملكوا عمارةً أو أن تطردوا عائلةً لأنَّ أحداً آخر من الأولين قررَ أن يجلبَ هنديَّا ليدير ماليةَ الشركة التي يعملُ بها الآخرون لكي يبقى هو من الأولين. هذا التقسيم الذي اليوم يصبح أكثر وضوحاً هو ما ارتضيتموه على أنفسكم أن يكونَ، وأن يصبحَ الغالبَ على واقعكم الذي تدَّعون فهمَه، وما منكم إلا ويقولُ أمام رهطٍ من زملائه أنَّ [الواقعَ] يستدعي ذلكَ، ولعلك لا تنتبه إلى الواقع على الرأس من صاملةٍ تصملك أنت ومن معكَ دونَ أن تحسَّ وأنت ترغي وتزبدُ عن الواقعِ أنَّك اخترتَ ــ ببساطةٍ بالغة ــ اخترتَ أن تكون من [المحاولين أن يكونوا من الأولين]، الراغبين في الفلاتِ أو الفالتين سلفاً والمسألةُ أعمقُ من كونِها خيارٌ يوميٌّ اقتصاديٌّ يتحولُ فيه المدرِّسُ [الذي تغنَّى الإعلامُ بقداسة مهنته] إلى سمسارِ أراضٍ في الوقتِ الذي سعى قليلون منهم إلى سدِّ رمقِ عائلة مليئة بالأطفال بالمزيد من ساعاتِ العَمل [الخاص] الممنوعُ دولياً في أعراف التربية والتعليم. نعم أيها المدرِّس وأيها الضابط في الشرطة، وأيها الطبيب أو ربَّة المنزل أو الموظف الحكوميِّ إنَّك اخترتَ ببساطة أن تلقي بمن هم في أغلبِ الوصف [مثلك] وراء ظهرك لتركب الموجةَ التي قد [تصيب] كما قد [تخيب] أو [تدوِشك] بأحلامٍ ترهقك. أرجوك يا صديقي العُماني، لا تعتقدُ أنني أزدريك أو أجرِّمك، فأنتَ في حالك وحياتِك أيضا لا تملكَ الخيارَ، لا تملك إلا أن تفعلَ أو أن تحاولَ. إمَّا أن ترضى نظرياً بالعدالة الاجتماعية العُمانية كما أقرَّها المُجتمع المُحافظ [كما يقولون في الإعلام] أو أن ترضى بأن تكون من ضمن المتقاتلين، المتدافعين [ ..كما يقول واحد من الشباب] على لقمةِ العيش، ولقمةِ العيش هذه ليست إلا دجاجة تبيض ذهباً كلَّ ليلة ثلاث مرَّات لأنه كفيلة بإخراجك من ثلة الآخرين لتكونَ من الأولِّين ومن ثمَّ تُمارسُ ربَّما وصايتك الاجتماعية على هؤلاء وكأنَّك أنت لستَ أحد الأسباب التي أدَّت إلى كونهم كذلك. الآن تقرأ عن المنازلِ المحصَّنة، وكلابِ الحراسة والخزائن المصفَّحة غير القابلة للكسر أو التفجير، وتسمعُ عن الذين يحرسونَ البنوك بالمسدسات حتى لا يقوم مراهقٌ طائش باقتحامِه [كما يفعلون في الأفلام] بل وربما أنتَ يا صديقي توقنُ أنَّك محميٌ ربما، لأنَّك من مقدِّمة الأولين وتستطيع تأمين حرِّاس يسكنون معكَ وكلاب تحرسك من بطشِ المعوزين، أو من لصوصٍ يريدون أن يكونوا مثلكَ ببساطة بسرقة بعض ما عندك، أو أنتَ يا صديقي الآخر لأنَّك أمنتَ من بطش هؤلاء لأنَّ السلطةَ تراهم يتخلٌّقون وتزيدُ هي من عدَّتِها وعتادِها لكي تحميك وتحمي من هم أمثالَك من الآمنين [الذي يستحقُّون ذلك ولا ريبَ] ... أفهمتم الآن ما أريدُ قولَه يا أصدقائي القراء، العُمانيين وغير العُمانيين .. الهنود وغير الهنود .. الأوفياء الأتقياء الشرفاء الضعفاء .. إنَّ شروطَ العيش في عُمان باتت شبه واضحة، فاللعبة الآن لم تعد كما كان يلعبُها الآباء في الستينات، إذ سافرَ بعضهم لبيع الغاز في البحرين، أو غرقَ بعضهم الآخر في تشذيب نخلاتِه التي تقيه من الجوع، وليست كما اعتقد آباء الثمانينيات أنَّّهم سينجحونَ فيها بسلاحِ العلم [كما يقولون في الإعلام]. إنَّها وفي ليلةٍ وضحاها أصبحت مِنحاً من السماء وفيللاً في الموجِ وقصوراً على الشارعِ العام نتاجَ أرض واحدةٍ ورقم سيَّارة ورقم هاتفٍ أو صفقة سمسرة بين وزيرين أصبحا الآن في عتاد المتقاعدين. هذه الضرباتُ الموجعةُ التي أصبحتَ أنت وآلاف غيرُك من الصغار والكبار تتناقلونها بمزيج من التلمَّض والازدراء. لا تغضب وتقول لي: أيها الحقير، أتصفنا الآن أننا سماسرة وماديّون .. يا صديقي لا تكن سطحياً وتأخذ الكلام على ظاهره، غص معي وتأمل حولَك ما يحدث وقل لي، أترى منهم ذا مبدأ وموقف إلا قليلا؟؟ أم ترى فيهم زهد الحكماء والعلماء؟ فاللعبة يا سيدي ويا صديقي ويا عزيزي لم تعد ــ في هذه السنوات الأخيرة ــ لعبةَ معروف، إنها لعبة مجاهيل ومُعطيات عشوائية هبطت فجأة على هذا المُجتمع الآمن لتجعلَ منه [كما جعلت من غيرِه] محطَّة من محطَّات الفوضى والصخب. فإن كنتَ لا تزالُ في طورِ [الحساسية] من هذه الصفات، فاسأل نفسكَ يا صديقي .. إلى أينَ تريد الذهاب؟ ومع من؟؟؟؟؟؟ وفكِّر طويلاً قبل أن تجيبني ... فأنا وحتى هذه اللحظة لم أستطع النوم، أتعرفُ لماذا؟؟ لأنني أفكِّر فيك .. لا تستغرب يا صديقي، أفكِّر فيك وأكتب السطور الطوال لأستفزَّك معي .. فربما كنت دكتوراً في علم الاجتماع [ولعلَّك لم تحصل على شهادتك بالانتساب لتعمل في الشؤون المالية] أو لعلَّك مفكِّر يرى عُمان إلى أين تذهب .. عُمان المُجتمع أو تلك [الثروة] الباقية من روحِنا المتفرِّدة عن البقيَّة، تلكَ الروح العُمانية التي يميِّزها الآلاف والمئات من البشر. تلك الثروة التي [قدْ] يذهبُ بها بطشُ المال أو فقر الحال أو ببساطة غلاء الحديد أو غلاء المهور أو نقص الوظائف لأنَّك ولأنني ولأنهم ولأننا قررتَ/ قررتُ/ قرروا أن يكونوا من الأولين، وأمَّا الآخرون فهي عاصفة تكبرُ في صمتٍ وبداخِلها ثقبٌ تاريخيٌّ أسود، حتى هذه اللحظة يمكن ــ يمكن وصدقوني يمكن ـ التخلَّص منه بقليلٍ من الحكمة، وكثير من التضحية.

&&&

إيه يا صديقي العُماني .. حرمتَني من النوم لأنَّك ببساطة تنامُ عميقاً في هذه اللحظة. لأنك نمتَ ليلة الجَمعة لأنَّ غدا سبت دوامٍ، أو ربما عطلة صيف. قف قليلاً، وتأمَّل ما يحدثُ حولَك وفكَّر بعض الشيء في هذه البلاد، وقل معي: أين تسير بنا هذه القافلة المترعة بالمفاجآت؟ وراقب من هم حولَك .. وربما .. أقولُ ربما .. بعدَ كلِّ هذا الصداع تستطيع أن تنقذَ نفسَك ومن معكَ من هذا الزحام الذي خلقتْه هذه الفوضى المؤقتة، وتبقى أنتَ كما أنتَ ــ عُمانياً كما ولدتَ ..... فحافظ على نفسِك يا صديقي العُماني ... حافظ عليها فربما هي الأمرُ الوحيد الذي سيبقى لك بعدَ انقضاء هذه العاصفة ...


عُمانيٌّ مثلك لم ينم بسببك


هناك تعليقان (2):

  1. شربي العمقات من بعد محلش

    معاويه صحيح إنك ما تسمع كلام ابوك وكلامه صدق فيك
    معطاي ارض من الدوله وما سادنك وموعود بسلفية بيت ع حساب شؤون البلاط وجالس خابص الدنيا جلس في الدعنه كما الناس

    ردحذف
  2. ههههههههههه
    ضحكني اول عبارة ..



    العمقات في بدبد اعتقد

    ردحذف