هلوسات
يقول نزار:
من أين أدخل في القصيدة يا تُرى؟
هناك ملصق نسيتُ تصويره لأجلبه هُنا، ربما أفعلُ ذلك لاحقاً. لا يزال فيلم 2012 ساكِناً رأسي، معلومات متفرقة تتجمعُ لتعطي تصوراً، رؤية قد تكون جزئية أو شاملة.
الفيلمُ يتحدث عن انهيار فيزيائي يؤدي إلى نهاية للحيـاة على الأرض. وبإمكاني هنا أن أشارككم أفكاراً أخرى عن انهياراتٍ كيميائية، أو بيولوجية، أو بيئية مرشحة لتُنهي "الحياة" على الأرض.
المُلصق الذي ذكرته بالأعلى يعرضُ إحصائات وتقديرات بيئية لمقدار ارتفاع حرارة الأرض في الخمسين سنة القادمة، والنتائج المرتبطة بذلك، مثل ارتفاع منسوب المياه في البحار (ستغرقُ صحار حينها، ومسقط!)، وانقراض أنواع حيوية مثل الحيوانات والنباتات البرية، أو حتى المحاصيل الزراعية. يتوقعون أن الحرارة قد ترتفع 4 أو 5 درجات سيليزية في المدى القريب، والله وحده يعلم ما هي النتائج الدقيقة المترتبة على ذلك.
هناك سيناريوهات أخرى محتملة للنهاية، مثل مواد معدلة وراثياً، كالفيروسات، أو البكتيريا أو حتى المحاصيل الزراعية التي يُمكن أن تعدل وراثياً بسهولة لتنتشر في الكوكب. ومؤخراً اكتشفت مشاريع دراسات الجينوم البشري أن الأجناس البشرية تحوي "بصمة" متفردة، ويمكن استهداف مثل هذه البصمات إن عن في رأس الشيطان ذلك. هل نسيتم الإشاعات التي انتشرت في المجتمعات العربية بشأن فيروس إنفلونزا الخنازير؟
.
في 2012 وردت جملة شدت انتباهي، وهي أن سفينة النجاة تحملُ على ظهرها "الصفوة البشرية". وهذه الصفوة ليست صفوة "أجمل" الجينات الوراثية، لكنها سفينة تحمل "من يستطيع" أن يكون عليها، وقد لا يكون للمؤمنين مكان عليها كما حدث مع سفينة نوح قبل آلاف السنين. وأحدُ قوانين الدارونية أن البقاء للأصلح، أي أن الكائن الأوفر حضاً هو من يُمررُ مورثاته للأجيال التالية، يقررُ لُعبةُ الحياة.
ينبغي أن نفكر بالموت المحيق بالبشر حينما تبتلعُ المحيطات خلال عشرات السنين القادمة عشرات الكيلومترات من الشواطيء. ينبغي أن نفكر في الشِعْر الذي سيموت، أو في الآثار التي تركها الأقدمون حينما تغرقُ تحت موجات من الطحالب، والرخويات البحرية. ينبغي أن نبقي كل الاحتمالات في رأسنا، ونقلبها مع تقلب الليل والنهار.
.
عندما تحدثُ تلك اللحظة أفكرُ في الحياة من منظور الإنسان، وأفكر بها من منظور الكوكب. فالكوكب لم يتوقف يوماً عن التغير والتهيؤ. إننا -كجنس بشري- نشهد فقط لحظات منه. عاشت قبلنا كائنات كثيرة، ثم انقرضت، ونراها اليوم في المتاحف. فهل ستسمحُ قوانين الاحتمالات والعشوائية نشوء أجناس شبيهة بالبشر يضعوننا في متاحفهم هذه المرة؟ هل سيقرأ أؤلئك الأقوام أشعار المعري، أو نبوءات نوستراداموس، أو آيات القرآن؟