الجمعة، 12 يونيو 2009

أب وابن

أب وابن



في عام 2005 جمعني حديث طاولة مع مايكل جاردن. كنا نتحدث عن الموسيقى التي يحبها، وكان يفضّل موسيقى السبعينات التي تذكره بالشباب (الرجلُ ستيني). ذكر لي حينها عن مغنٍ إنجليزي اسمه كات ستيفنز، وذكر أن أغنياته كانت تحقق أعلى المبيعات في ذلك الزمن، وذكر أن المغني تحول للإسلام لاحقاً. وبقى كل ذلك في الذاكرة. وجدتُ لاحقاً في عُمان كتاباً به سيرة ستيفنز الذاتية وكيف تحول للإسلام، وبعدها أيضًا بدأتُ أسمعُ موسيقاه الرائعة.

والأيامُ تمضي، والذاكرةُ تبقى. واليومُ توفى والدُ صديقي، فاسترجعتُ الذكريات. والذكرياتُ عديدة كما هي طبيعتها. كان من ضمنها أغنية يوسف إسلام (كات ستيفنز حينها) "أب وابن". والأغنية التي تحوي حواراً بين أبٍ وابن تصورُ توق الابن للمضيِّ في الحياة بحرية بعيداً عن الأب، وتصورُ كذلك نصائح الأب الخائف على ابنه من الحرية، ومن مجاهلها. ويذكِّرُ الأب ابنه أنه مرَّ بتلك اللحظات، وتعلم منها، وهو يمررُ معرفته لابنه.

وهذا "الصراع" بين الجيلين لابد أنه حدث أو سيحدث في حياةٍ أيٍّ منَّا. أشفقتُ على صديقي فقد توفيَّ والده وقد فقدَ ذلك الصراع للأبد. ولابدُ أن يدخل ذلك الصراع مجدداً لكن والأدوار اختلفت. سوف يلعبهُ مع أبناءه ليكون هو الأب وسيكونُ ابنه هو الابن!

وليس ذلك فقط ما خرج من الذاكرة، بل ذكرياتي مع والدي. وكيف كانت الحياةُ في بادئها، وذلك الصراع الخفي والبائن في أمور عديدة. وكيفَ تسربَ في ذهني المقطوعة الجميلة لأمل دنقل: "اعطني القدرة حتى ابتسم". وقد كانت. فالوالدُ\الأبُ يعيطكها: الابتسامة، والمعرفة، والإرادة كذلك. إنه يسلِّحك بكل شيء، حتى بالعقيدة كي تقفَ في وجههِ -ربما- مستقبلاً لتعبّر عنكَ\عن أفكارك، وعمّا أنتَ حقاً!.. والذكرياتُ تأتي من الأعماق لتقيّمَ كل الاحتمالات -وهي ليستْ احتمالات الصراع والانعتاق فقط بل احتمالات الفقد سواء كان بالموتِ أو بالبعد الفيزيائي أو المعنوي، فتكتشفُ\ أكتشفُ أني خاسر جداً. وأذكرُ الآن شعرَ محمود درويش: "وتكبرُ فيّ الطفولة". آه... هل يفعلُ الموتُ كل هذا..؟!

كتب هذه الأغنية كات ستيفنز (يوسف إسلام حالياً) ولحنها وغناها عام 1970م، ثم غناها لاحقاً العديدُ من المغنين. وأبرز من غناها في التسعينات فرقة بوي زون الآيرلندية. ثم غناها مع يوسف إسلام المغني رونان كيتينج. وقد كانت بكل من غنَّاها رائعة.

أقدمُ هنا ترجمة بسيطة لها للعربية:

الأب:
ليس الوقت لتغير حياتك
ارتاح، وهدِّيء أعصابك
مازلتَ صغيراً، وهذه هي غلطتك
أشياء كثيرة لابد أن تتعلمها
ابحث عن فتاة، واستقر
وإذا أحببت، تستطيعُ الزواج
انظر إليّ،
أنا عجوز لكنني سعيد...

مرة كنت بمثل موقفك
أعرفُ صعوبة الهدوء
عندما تجد شيئاً مثيراً
لكن لا تستعجل. فكر كثيراً
لماذا؟ فكر بكل ما تملك..
أنتَ ستكون هنا غداً
لكن أحلامك قد لا تكون..

الابن:
كيف أستطيع أن أشرح..
عندما أحاول.. يصدُ عني مرة أخرى
وتتكررُ القصة القديمة مجدداً
من اللحظة التي أستطيع الكلام فيها، أأمَرُ بالاستماع
الآن هناك مخرج.. وأعلمُ أني يجب أن أذهب
أعلمُ يجب أن أذهب..

الأب:
ليس الوقت لتغير حياتك
ارتاح، وتروَّى
مازلتَ صغيراً، وهذه هي غلطتك
أشياء كثيرة لابد أن تخبرها
ابحث عن فتاة، واستقر
وإذا أحببت، تستطيعُ الزواج
انظر إليّ،
أنا عجوز لكنني سعيد...

الابن:
عندما بكيتُ دائماً، أبقيتُ مشاعري داخلي
كان مؤلماً.. لكن الأكثر إيلاماً تجاهلها
لو كانوا محقين، لوافقتهم
لكنهم المشكلة، ولستُ أنا
الآن هناك مخرج.. وأعلمُ أني يجب أن أذهب
أعلمُ يجب أن أذهب..



هناك تعليق واحد: